بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٥
فما ظنك أيها السائل بمن هو هكذا؟ سبحانه وبحمده لم يحدث فيمكن فيه التغيير والانتقال، ولم يتصرف في ذاته بكرور الأحوال، ولم يختلف عليه حقب الليالي والأيام، الذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله، ولا مقدار احتذا عليه (1) من معبود كان قبله، ولم تحط به الصفات فيكون بإدراكها إياه بالحدود متناهيا، وما زال ليس كمثله شئ عن صفة المخلوقين متعاليا، وانحسرت الابصار عن أن تناله فيكون بالعيان موصوفا وبالذات التي لا يعلمها إلا هو عند خلقه معروفا، وفات لعلوه على الأشياء مواقع رجم المتوهمين، وارتفع عن أن تحوى كنه عظمته فهاهة رويات المتفكرين، فليس له مثل فيكون ما يخلق مشبها به، وما زال عند أهل المعرفة به عن الأشباه والأضداد منزها، كذب العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنافهم، (2) وحلوه حلية المخلوقين بأوهامهم، وجزوه بتقدير منتج من خواطر هممهم، (3) وقدروه على الخلق المختلفة القوى بقرائح عقولهم، وكيف يكون من لا يقدر قدره مقدرا في رويات الأوهام وقد ضلت في إدراك كنهه هواجس الأحلام؟ (4) لأنه أجل من أن تحده ألباب البشر بالتفكير، أو تحيط به الملائكة على قربهم من ملكوت عزته بتقدير، تعالى عن أن يكون له كفو فيشبه به، لأنه اللطيف الذي إذا أرادت الأوهام أن تقع عليه في عميقات غيوب ملكه، و حاولت الفكر المبرات من خطر الوسواس إدراك علم ذاته، وتولهت القلوب إليه لتحوى منه مكيفا في صفاته، وغمضت مداخل العقول من حيث لا تبلغه الصفات لتنال علم إلهيته ردعت خاسئة وهي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلصة إليه سبحانه، رجعت إذ جبهت معترفة بأنه لا ينال بجور الاعتساف كنه معرفته، (5) ولا يخطر ببال اولي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته، لبعده من أن يكون في قوى المحدودين لأنه

(1) احتذا عليه أي قاس وطبق عليه، وكان ذلك المثال أو المقدار من معبود قد سبقه بالخلقة، والحاصل أنه لم يقتد بخالق آخر في صنعه وخلقته، إذ لا خالق سواه.
(2) في النهج: إذ شبهوك بأصنامهم.
(3) في التوحيد المطبوع ونسخة من الكتاب: وخواطرهم.
(4) الأحلام جمع الحلم: العقل، ويأتي بمعني الأماني أيضا يقال: أحلام نائم أي أماني كاذبة.
(5) في التوحيد المطبوع: لا ينال بجوب الاعتساف كنه معرفته.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322