فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن ولم يخل منها فيقال له: أين: لكنه سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، وأحصاها حفظه، لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء، ولا غوامض مكنون ظلم الدجى، ولاما في السماوات العلى والأرضين السفلى، لكل شئ منها حافظ ورقيب، وكل شئ منها بشئ محيط، والمحيط بما أحاط منها الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم تغيره صروف الأزمان، ولم يتكأده صنع شئ كان، إنما قال لما شاء أن يكون: " كن " فكان، ابتدع ما خلق مثال سبق، ولا تعب ولا نصب، وكل صانع شئ فمن شئ صنع، والله لامن شئ صنع ما خلق، وكل عالم فمن بعد جهل تعلم، والله لم يجهل ولم يتعلم، أحاط بالأشياء علما قبل كونها فلم يزدد بكونها علما، علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها، لم يكونها لشدة سلطان ولا خوف من زوال ولا نقصان، ولا استعانة على ضد مساور (1) ولا ند مكاثر، (2) ولا شريك مكائد (3) لكن خلائق مربوبون وعباد داخرون فسبحان الذي لا يؤوده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من فترة بما خلق اكتفى، علم ما خلق، وخلق ما علم، لا بالتفكير ولا بعلم حادث أصاب ما خلق، (4) ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، لكن قضاء مبرم، وعلم محكم، وأمر متقن، توحد بالربوبية، وخص نفسه بالوحدانية، واستخلص المجد والثناء فتحمد بالتحميد، (5) وتمجد بالتمجيد، وعلا عن اتخاذ الأبناء، و تطهر وتقدس عن ملامسة النساء، وعز وجل عن مجاورة الشركاء، فليس له فيما خلق ضد، ولا فيما ملك ند، ولم يشرك في ملكه أحد، الواحد الأحد، الصمد المبيد للأبد (6)
(٢٧٠)