وقوله عليه السلام: وإلى العقول حاكم العقول أي جعل العقول المدعية أنها أحاطت به وأدركته كالخصم له سبحانه، ثم حاكمها إلى العقول السليمة الصحيحة فحكمت له سبحانه على العقول بأنها ليست أهلا لذلك. وقيل الأوهام بمعناها، ولما كانت اعتبارها لأحوال أنفسها من وجوداتها والتغيرات اللاحقة لها شاهدة لحاجتها إلى موجد ومقيم ومساعدة للعقول على ذلك وكان إدراكها لذلك في أنفسها على وجه جزئي مخالف لا دراك العقول فكانت مشاهدة له بحسب ما طبعت عليه وبقدر إمكانها، وهو متجل لها كذلك. والباء في " بها " للسببية إذ وجودها هو السبب المادي في تجليه لها، ويحتمل أن تكون بمعنى " في " أي تجلي لها في وجودها. وبل للاضراب عن الإحاطة به.
وقوله: وبها امتنع منها أي لما خلقت قاصرة عن إدراك المعاني الكلية وعن التعلق بالمجردات كانت بذلك مبدء الامتناعه عن إدراكها له، وإن كانت لذلك الامتناع أسباب آخر. ويحتمل أن يكون المراد أنه تعالى باعترافها امتنع منها لأنها عند طلبها لمعرفته تعالى بالكنه اعترفت بالعجز عن إدراكها له.
قوله عليه السلام: وإليها حاكمها أي جعلها حكما بينها وبينه عند رجوعها من طلبه خاسئة حسيرة معترفه بأنه لا ينال كنه معرفته، وإسناد المحاكمة إليها مجاز. وقيل:
يحتمل أن يكون أحد الضميرين في كل من الفقرات الثلاث راجعا إلى الأوهام، والآخر إلى الأذهان فيكون المعنى أن بالأوهام وخلقه تعالى لها وإحكامها أو بإدراك الأوهام آثار صنعته وحكمته تجلى للعقول، وبالعقول وحكمها بأنه تعالى لا يدرك بالأوهام امتنع من الأوهام، وإلى العقول حاكم الأوهام لو ادعت معرفته حتى تحكم العقول بعجزها عن إدراك جلاله، ويؤيده ما مر في الخطبة الكبيرة من بعض الفقرات على بعض الوجوه.
أقول: ويحتمل أن يكون الأوهام أعم منها ومن العقول، وهذا الاطلاق شائع فالمراد: تجلى الله لبعض الأوهام أي العقول ببعض الحواس، وهكذا على سياق ما مر.
قوله: النهايات أي السطوح المحيطة به.
10 - عيون أخبار الرضا (ع): وجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحباء والشرط من الرضا عليه السلام