كذلك. وقوله: ولا نأله صيغة المتكلم من أله بمعنى تحير. واختلف في لفظ الجلالة فالمشهور أنه عربي مشتق، إما من أله بمعنى عبد، أو من أله: إذا تحير، إذ العقول تتحير في معرفته، أو من ألهت إلى فلان أي سكنت إليه، لان القلوب تطمئن بذكره، والأرواح تسكن إلى معرفته، أو من أله: إذا فزع من أمر نزل عليه، وألهه غيره: أجاره، إذ العابد يفزع إليه وهو يجيره، أو من أله الفصيل: إذا ولع بأمه، إذ العباد يولعون بالتضرع إليه في الشدائد، أو من وله: إذا تحير وتخبط عقله، وكان أصله ولاه فقلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها، أو من لاه مصدر لاه يليه ليها ولاها: إذا احتجب و ارتفع لأنه تعالى محجوب عن إدراك الابصار، ومرتفع على كل شئ وعما لا يليق به، وقيل: إنه غير مشتق وهو علم للذات المخصوصة وضع لها ابتداءا. وقيل: أصله " لاها " بالسريانية فعرب بحذف الألف الأخيرة وإدخال اللام عليه.
وقال الرازي: ذكروا في الفرق بين الواحد والأحد وجوها، أحدها: أن الواحد يدخل في العدد والأحد لا يدخل فيه. وثانيها: أنك إذا قلت: فلان لا يقاومه واحد جاز أن يقال: لكنه يقاومه اثنان بخلاف الأحد. وثالثها: أن الواحد يستعمل في الاثبات والأحد في النفي. انتهى.
وقوله عليه السلام: ومن ثم لبيان أن الواحد الحقيقي هو الذي لا يكون فيه شئ من أنحاء التعدد لان الوحدة تقابل العدد.
ثم اعلم أنهم اختلفوا في معنى الصمد، فقيل: إنه فعل بمعنى المفعول من صمد إليه: إذا قصده، وهو السيد المقصود إليه في الحوائج. وروت العامة عن ابن عباس أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: ما الصمد؟ قال صلى الله عليه وآله: هو السيد الذي يصمد إليه في الحوائج. وقيل: إن الصمد هو الذي لا جوف له، وقال ابن قتيبة: الدال فيه مبدلة من التاء وهو الصمت، (1) وقال بعض اللغويين: الصمد: هو الأملس من الحجر لا يقبل الغبار ولا يدخله ولا يخرج منه شئ.