في أجسادهم الكثيفة، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه، كما أن لام الصمد لا تتبين ولا تدخل في حاسة من حواسه الخمس، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف، فمتى تفكر العبد في مائية الباري وكيفيته أله فيه وتحير ولم تحط فكرته بشئ يتصور له، لأنه عز وجل خالق الصور، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنه عز وجل خالقهم، ومركب أرواحهم في أجسادهم، وأما الصاد فدليل على أنه عز وجل صادق، وقوله صدق و كلامه صدق، ودعا عباده إلى اتباع الصدق بالصدق، ووعد بالصدق دار الصدق، وأما الميم فدليل على ملكه، وأنه الملك الحق، لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه، وأما الدال فدليل على دوام ملكه، وأنه عز وجل دائم تعالى عن الكون والزوال، بل هو الله عز وجل مكون الكائنات الذي كان بتكوينه كل كائن.
ثم قال عليه السلام: لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عز وجل حملة لنشرت التوحيد والاسلام والايمان والدين والشرائع من الصمد، وكيف لي بذلك ولم يجد جدي أمير المؤمنين عليه السلام حملة لعلمه حتى كان يتنفس الصعداء (1) ويقول على المنبر: سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجوانح مني علما جما، هاه هاه، ألا لا أجد من يحمله، ألا وإني عليكم من الله الحجة البالغة، فلا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
ثم قال الباقر عليه السلام: الحمد لله الذي من علينا ووفقنا لعبادته الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وجنبنا عبادة الأوثان، حمدا سرمدا و شكرا واصبا. وقوله عز وجل: لم يلد ولم يولد يقول الله عز وجل: لم يلد فيكون له ولد يرثه ملكه، ولم يولد فيكون له والد يشركه في ربوبيته وملكه، ولم يكن له كفوا أحد فيعازه في سلطانه. (2) بيان: روي في معاني الأخبار ما يتعلق بتأويل الصمد من هذا الخبر بهذا الاسناد.
ثم اعلم أن تحقيق معنى " هو " بهذا الوجه غير معروف، ولا يبعد أن يكون في أصل الوضع