قال الصدوق رحمه الله: الدليل على أن الصانع واحد لا أكثر من ذلك أنهما لو كانا اثنين لم يخل الامر فيهما من أن يكون كل واحد منهما قادرا على منع صاحبه مما يريد أو غير قادر، فإن كانا كذلك فقد جاز عليهما المنع، ومن جاز عليه ذلك فمحدث، كما أن المصنوع محدث، وإن لم يكونا قادرين لزمهما العجز والنقص، وهما من دلالات الحدث، فصح أن القديم واحد.
ودليل آخر: وهو أن كل واحد منهما لا يخلو من أن يكون قادرا على أن يكتم الآخر شيئا، فإن كان كذلك فالذي جاز الكتمان عليه حادث، وإن لم يكن قادرا فهو عاجز، والعاجز حادث بما بيناه. (1) وهذا الكلام يحتج به في إبطال قديمين صفة كل واحد منهما صفة القديم الذي أثبتناه. فأما ما ذهب إليه ماني وابن ديصان من خرافاتهما في الامتزاج، ودانت به المجوس من حماقاتها في أهرمن ففاسد بما به يفسد قدم الأجسام، ولدخولهما في تلك الجملة اقتصرت على الكلام فيهما ولم أفرد كلا منهما بما يسئل عنه منه.
19 - التوحيد: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما الدليل على أن الله واحد؟ قال: اتصال التدبير وتمام الصنع، كما قال عز وجل: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا.
بيان: إما إشارة إلى برهان التمانع أو إلى التلازم، وسيأتي بعض تقريراتهما 20 - تحف العقول: عن داود بن القاسم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصمد، فقال:
الذي لا سرة له. قلت: فإنهم يقولون: إنه الذي لا جوف له، فقال: كل ذي جوف له سرة.
بيان: الغرض أنه ليس فيه تعالى صفات البشر وسائر الحيوانات، وهو أحد أجزاء معنى الصمد كما عرفت وهو لا يستلزم كونه تعالى جسما مصمتا.