بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٧
غيره؟ إذ اقتضاء الغلبة والاستعلاء مركوزة في كل ذي قوة على قدر قوته والمفروض أن كلا منهما في غاية القوة. وأما فساد الشق الثاني فهو ظاهر عند جمهور الناس، لما حكموا بالفطرة من أن الضعف ينافي الإلهية، ولظهوره لم يذكره عليه السلام. وأيضا يعلم فساده بفساد الشق الثالث، وهو قوله: وإن زعمت أن أحدهما قوي والاخر ضعيف ثبت أنه أي الاله واحد - كما نحن نقول - للعجز الظاهر في المفروض ثانيا لان الضعف منشأ العجز، والعاجز لا يكون إلها بل مخلوقا محتاجا لأنه محتاج إلى من يعطيه القوة والكمال والخيرية.
وأما الحجة البرهانية فأشار إليها بقوله: " وإن قلت: إنهما اثنان " وبيانه أنه لو فرض موجودان قديمان فإما أن يتفقا من كل جهة، أو يختلفا من كل جهة، أو يتفقا بجهة ويختلفا بأخرى والكل محال: أما بطلان الأول فلان الاثنينية لا تتحقق إلا بامتياز أحد الاثنين عن صاحبه ولو بوجه من الوجوه، وأما بطلان الثاني فلما نبه عليه بقوله: فلما رأينا الخلق منتظما، وتقريره أن العالم كله كشخص واحد كثير الاجزاء والأعضاء مثل الانسان، فإنا نجد أجزاء العالم مع اختلاف طبائعها الخاصة وتباين صفاتها وأفعالها المخصوصة يرتبط بعضها ببعض، ويفتقر بعضها إلى بعض، وكل منها يعين بطبعه صاحبه، وهكذا نشاهد الاجرام العالية وما ارتكز فيها من الكواكب النيرة في حركاتها الدورية وأضوائها الواقعة منها نافعة للسفليات، محصلة لأمزجة المركبات التي يتوقف عليها صور الأنواع ونفوسها، وحياة الكائنات ونشوء الحيوان والنبات، فإذا تحقق ما ذكرنا من وحدة العالم لوحدة النظام واتصال التدبير دل على أن إلهه واحد، وإليه أشار بقوله: دل صحة الامر والتدبير وائتلاف الامر على أن المدبر واحد.
وأما بطلان الشق الثالث - وهو أنهما متفقان من وجه ومختلفان من وجه آخر - فبأن يقال - كما أشار إليه عليه السلام بقوله: " ثم يلزمك " -: إنه لابد فيهما من شئ يمتاز به أحدهما عن صاحبه وصاحبه عنه، وذلك الشئ يجب أن يوكن أمرا وجوديا يوجد في أحدهما ولم يوجد في الاخر، أو أمران وجوديان يختص كل منهما بواحد فقط، وأما كون الفارق المميز لكل منهما عن صاحبه أمرا عدميا فهو ممنع بالضرورة إذ الاعدام
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309