بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٢
الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف إشارة الشاهد المدرك، فقالوا: هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالابصار فأشر أنت يا محمد إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه وندركه ولا نأله فيه، فأنزل الله تبارك وتعالى: قل هو الله أحد. فالهاء تثبيت للثابت والواو إشارة إلى الغائب عن درك الابصار ولمس الحواس، والله تعالى عن ذلك (1) بل هو مدرك الابصار ومبدع الحواس.
حدثني أبي، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: رأيت الخضر عليه السلام في المنام قبل: بدر بليلة، فقلت له: علمني شيئا أنصر به على الأعداء، فقال: قل: يا هو يا من لا هو إلا هو. فلما أصبحت قصصتها على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: لي يا علي علمت الاسم الأعظم، وكان على لساني يوم بدر، وأن أمير المؤمنين عليه السلام قرأ قل هو الله أحد (2) فلما فرغ قال: يا هو يا من لا هو إلا هو اغفر لي وانصرني على القوم الكافرين.
وكان علي عليه السلام يقول ذلك يوم صفين وهو يطارد، (3) فقال له عمار بن ياسر:
يا أمير المؤمنين ما هذه الكنايات؟ قال: اسم الله الأعظم، وعماد التوحيد لله لا إله إلا هو، ثم قرأ: شهد الله أنه لا إله إلا هو، وأواخر الحشر، ثم نزل فصلى أربع ركعات قبل الزوال.
قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق، (4) ويؤله إليه، والله هو المستور عن درك الابصار، المحجوب عن الأوهام والخطرات.
قال الباقر عليه السلام: الله معناه المعبود الذي أله الخلق عن درك مائيته والإحاطة بكيفيته، ويقول العرب: أله الرجل: إذا تحير في الشئ فلم يحط به علما، ووله: إذا فزع إلى شئ مما يحذره ويخافه، فالإله هو المستور عن حواس الخلق.
قال الباقر عليه السلام: الأحد الفرد المتفرد، والأحد والواحد بمعنى واحد (5) وهو

(1) وفي نسخة: وأنه تعالى عن ذلك.
(2) وفي نسخة: قرأ يوم بدر قل هو الله أحد.
(3) طارد الاقران: حمل بعضهم على بعض.
(4) وفي نسخة: تأله فيه الخلق.
(5) لعل المراد أن الأحد والواحد الذان يتصف بهما الله تعالى معناهما واحد، لا مطلقهما حيث يستعمل. أو أن الواحد الذي يستعمل غير باب الاعداد والأجناس مترادف مع الواحد في المعنى. كما تقدم تفصيل ذلك في الحديث الأول فتأمل.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309