بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٥٣
الخاصة في بروجهما، وبولوج الليل والنهار دخول تمام كل منهما في الاخر، أو دخول بعض من كل منهما في الاخر بحسب الفصول.
وحاصل الاستدلال أن لهذه الحركات انضباطا واتساقا واختلافا وتركبا فالانضباط يدل على عدم كونها إرادية كما هو المشاهد من أحوال ذوي الإرادات من الممكنات، والاختلاف يدل على عدم كونها طبيعية، فإن الطبيعة العادمة للشعور لا تختلف مقتضياتها كما نشاهد من حركات العناصر، كما قالوا: إن الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجه إلى جهة والانصراف عنه، ويمكن أن يقال: حاصل الدليل راجع إلى ما يحكم به الوجدان، من أن مثل تلك الأفعال المحكمة المتقنة الجارية على قانون الحكمة لا يصدر عن الدهر والطبائع العادمة للشعور والإرادة، وإلى هذا يرحع قوله عليه السلام: إن كان الدهر يذهب بهم أي الدهر العديم الشعور كيف يصدر عنه الذهاب الموافق للحكمة ولا يصدر عنه بدله الرجوع؟ أو المراد أنه لم يقتضي طبعه ذهاب شئ ولا يقتضي رده وبالعكس، بناءا على أن مقتضيات الطبائع تابعة لتأثير الفاعل القادر القاهر، ويمكن أن يكون المراد بالذهاب بهم إعدامهم، وبردهم إيجادهم، والمراد بالدهر الطبيعة، كما هو ظاهر كلام أكثر الدهرية، أي نسبة الوجود والعدم إلى الطبائع الامكانية على السواء، فإن كان الشئ يوجد بطبعه فلم لا يعدم: فترجح أحدهما ترجح بلا مرجح يحكم العقل باستحالته. ويجري جميع تلك الاحتمالات في قوله عليه السلام: السماء مرفوعة إلى آخر كلامه عليه السلام. وقوله عليه السلام: لم لا تسقط السماء على الأرض أي لا تتحرك بالحركة المستقيمة حتى تقع على الأرض. وقوله: ولم لا تنحدر الأرض؟ أي تتحرك إلى جهة التحت حتى تقع على أطباق السماء، أو المراد الحركة الدورية فيغرق الناس في الماء، فيكون ضمير طباقها راجعا إلى الأرض وطباق الأرض: أعلاها أي تنحدر الأرض بحيث تصير فوق ما علا منها الان. قوله عليه السلام. فلا يتماسكان أي في صورة السقوط والانحدار، أو المراد فظهر أنه لا يمكنهما التمسك بأنفسهما بل لابد من ماسك يمسكهما.
أقول: تفصيل القول في شرح تلك الأخبار الغامضة يقتضي مقاما آخر، وإنما نشير في هذا الكتاب إلى ما لعله يتبصر به أولوا الأذهان الثاقبة من اولي الألباب،
(٥٣)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309