بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٥٥
من كل دابة " منها ما هو لأكلكم ومعايشكم، ومنها سباع ضارية حافظة عليكم لأنعامكم لئلا تشذ عليكم خوفا من افتراسها لها، " وتصريف الرياح " المربية لحبوبكم، المبلغة لثماركم، النافية لركد الهواء والاقتار عنكم، " والسحاب المسخر بين السماء والأرض " يحمل أمطارها، ويجري بإذن الله ويصبها من حيث يؤمر " لآيات " دلائل واضحات " لقوم يعقلون " يتفكرون بعقولهم أن من هذه العجائب من آثار قدرته قادر على نصرة محمد وعلي وآلهما عليهم السلام على من يشاء.
بيان: الكادين من الكد بمعنى الشدة والالحاح في الطلب كناية عن عدم تخلفهما والباء في قوله عليه السلام: بالعجائب بمعنى مع. وقوله: والاقتار كأنه جمع القترة بمعنى الغبرة أي يذهب الأغبرة والأبخرة المجتمعة في الهواء الموجبة لكثافتها وتعفنها. والضمير في قوله: أمطارها إما راجع إلى الأرض، أو إلى السحاب للجمعية.
27 - جامع الأخبار: سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن إثبات الصانع، فقال: البعرة تدل على البعير، والروثه تدل على الحمير، وآثار القدم تدل على المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة كيف لا يدلان على اللطيف الخبير؟.
28 - وقال عليه السلام: بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تعتقد معرفته، وبالتفكر تثبت حجته، معروف بالدلالات، مشهور بالبينات.
29 - جامع الأخبار: سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما الدليل على إثبات الصانع؟
قال: ثلاثة أشياء: تحويل الحال، وضعف الأركان، ونقض الهمة.
أقول: سيأتي ما يناسب هذا الباب في أبواب الاحتجاجات، وأبواب المواعظ و الخطب والحكم إن شاء الله تعالى. ولنذكر بعد ذلك توحيد المفضل بن عمر، ورسالة الإهليلجة المرويتين عن الصادق عليه السلام لاشتمالهما على دلائل وبراهين على إثبات الصانع تعالى، ولا يضر ارسالهما لاشتهار انتسابهما إلى المفضل، وقد شهد بذلك السيد ابن طاووس وغيره. (1) ولا ضعف محمد بن سنان والمفضل لأنه في محل المنع بل يظهر من الاخبار

(١) قال ابن طاووس في ص ٩ من كتابه كشف المحجة: وانظر كتاب المفضل بن عمر الذي أملاه عليه مولانا الصادق عليه السلام فيما خلق الله جل جلاله من الآثار، وانظر كتاب الإهليلجة وما فيه من الاعتبار، فان الاعتناء بقول سابق الأنبياء والأوصياء والأولياء عليهم أفضل السلام موافق لفطرة العقول والأحلام. وقال في ص ٧٨ من كتابه الأمان من أخطار الاسفار والأزمان: ويصحب معه كتاب الإهليلجة وهو كتاب مناظرة مولانا الصادق عليه السلام الهندي في معرفة الله جل جلاله بطريق غريبة عجيبة ضرورية، حتى أقر الهندي بالإلهية والوحدانية، ويصحب معه كتاب المفضل بن عمر الذي رواه عن الصادق عليه السلام في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلى وأسراره، فإنه عجيب في معناه. أقول: وعد النجاشي من كتبه كتاب الفكر كتاب في بدء الخلق والحث على الاعتبار وصية المفضل، وذكر طريقه إليه هكذا: أخبرني أبو عبد الله بن شاذان، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه، عن عمران بن موسى، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن سنان، عن المفضل. انتهى. ولعل المراد منه هو كتاب توحيده هذا.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309