من كل دابة " منها ما هو لأكلكم ومعايشكم، ومنها سباع ضارية حافظة عليكم لأنعامكم لئلا تشذ عليكم خوفا من افتراسها لها، " وتصريف الرياح " المربية لحبوبكم، المبلغة لثماركم، النافية لركد الهواء والاقتار عنكم، " والسحاب المسخر بين السماء والأرض " يحمل أمطارها، ويجري بإذن الله ويصبها من حيث يؤمر " لآيات " دلائل واضحات " لقوم يعقلون " يتفكرون بعقولهم أن من هذه العجائب من آثار قدرته قادر على نصرة محمد وعلي وآلهما عليهم السلام على من يشاء.
بيان: الكادين من الكد بمعنى الشدة والالحاح في الطلب كناية عن عدم تخلفهما والباء في قوله عليه السلام: بالعجائب بمعنى مع. وقوله: والاقتار كأنه جمع القترة بمعنى الغبرة أي يذهب الأغبرة والأبخرة المجتمعة في الهواء الموجبة لكثافتها وتعفنها. والضمير في قوله: أمطارها إما راجع إلى الأرض، أو إلى السحاب للجمعية.
27 - جامع الأخبار: سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن إثبات الصانع، فقال: البعرة تدل على البعير، والروثه تدل على الحمير، وآثار القدم تدل على المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة كيف لا يدلان على اللطيف الخبير؟.
28 - وقال عليه السلام: بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تعتقد معرفته، وبالتفكر تثبت حجته، معروف بالدلالات، مشهور بالبينات.
29 - جامع الأخبار: سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما الدليل على إثبات الصانع؟
قال: ثلاثة أشياء: تحويل الحال، وضعف الأركان، ونقض الهمة.
أقول: سيأتي ما يناسب هذا الباب في أبواب الاحتجاجات، وأبواب المواعظ و الخطب والحكم إن شاء الله تعالى. ولنذكر بعد ذلك توحيد المفضل بن عمر، ورسالة الإهليلجة المرويتين عن الصادق عليه السلام لاشتمالهما على دلائل وبراهين على إثبات الصانع تعالى، ولا يضر ارسالهما لاشتهار انتسابهما إلى المفضل، وقد شهد بذلك السيد ابن طاووس وغيره. (1) ولا ضعف محمد بن سنان والمفضل لأنه في محل المنع بل يظهر من الاخبار