بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٥٩
المهملة: الحكم الثابت. والخرق بالضم: ضد الرفق. والنزق: الطيش والخفة عند الغضب. وقوله: استفرغنا لعله من الافراغ بمعنى الصب، قال الفيروزآبادي: استفرغ مجهوده: بذل طاقته، والادحاض: الابطال.
قال المفضل: فخرجت من المسجد محزونا مفكرا فيما بلي به الاسلام وأهله من كفر هذه العصابة وتعطيلها، (1) فدخلت على مولاي صلوات الله عليه فرآني منكسرا، فقال: مالك؟ فأخبرته بما سمعت من الدهريين (2) وبما رددت عليهما، فقال: لألقين إليك من حكمة الباري - جل وعلا وتقدس اسمه - في خلق العالم والسباع والبهائم و الطير والهوام، وكل ذي روح من الانعام، والنبات والشجرة المثمرة وغير ذات الثمر والحبوب والبقول المأكول من ذلك وغير المأكول ما يعتبر به المعتبرون، ويسكن إلى معرفته المؤمنون، ويتحير فيه الملحدون فبكر علي غدا.
قال المفضل: فانصرفت من عنده فرحا مسرورا وطالت علي تلك الليلة انتظارا لما وعدني به، فلما أصبحت غدوت فاستؤذن لي فدخلت وقمت بين يديه، فأمرني بالجلوس فجلست، ثم نهض إلى حجرة كان يخلو فيها، فنهضت بنهوضه فقال: اتبعني فتبعته فدخل ودخلت خلفه، فجلس وجلست بين يديه، فقال: يا مفضل: كأني بك وقد طالت عليك هذه الليلة انتظارا لما وعدتك؟ فقلت: أجل يا مولاي، فقال: يا مفضل إن الله كان ولا شئ قبله، وهو باق ولا نهاية له، فله الحمد على ما ألهمنا، وله الشكر على ما منحنا، وقد خصنا من العلوم بأعلاها ومن المعالي بأسناها، واصطفانا على جميع الخلق بعلمه، وجعلنا مهيمنين عليهم بحكمه، فقلت: يا مولاي أتأذن لي أن أكتب ما تشرحه؟
- وكنت أعددت معي ما أكتب فيه - فقال لي: افعل.
بيان: أسناها أي أرفعها أو أضوأها. والمهيمن: الأمين والمؤتمن والشاهد.
يا مفضل إن الشكاك جهلوا الأسباب والمعاني في الخلقة، وقصرت أفهامهم عن تأمل الصواب والحكمة، فيما ذرأ (3) الباري جل قدسه وبرأ (4) من صنوف خلقه في

(1) العصابة: الجماعة من الرجال.
(2) الدهري: الملحد القائل: بأن العالم موجود أزلا وأبدا، لا صانع له.
(3) أي خلق.
(4) أي خلقه من العدم.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309