ورواه الواحدي باسناده إلى عكرمة وابن عباس، أنه ابتاع نخلة في دار فقير بأربعين نخلة، وجعلها للفقير بنخلة في الجنة. وأسند الثعلبي إلى عطاء أنه أبو الدحداح، ونقل عن بعض المفسرين: أن الأتقى علي بن أبي طالب. وقال شارح الطوالع: ويؤيده (ويطعمون الطعام) الآيات، فلا عبرة بقول جماعة من المفسرين وعلماء المخالفين بأنها نزلت في أبي بكر، وان كانوا كثيرين.
وقوله (وما لاحد عنده من نعمة تجزى) يصرفه عن علي، إذ عنده نعمة التربية غير موجه، لأنه لابد في الآية من تخصيص، لأنه لا يتصور من لا يكون لأحد عنده من نعمة، فكان المراد: أن ليس لأحد ممن يعطيهم الزكاة والصدقة عنده من نعمة تجزى. فالعموم ليس بمراد. وان سلمنا فلا نسلم أنه ليس على أبي بكر نعمة تجزى، كيف ذلك؟ وعليه حق والديه وحق النبي في ارشاده إلى أمور دينه.
وقوله (للاجماع أن ذلك الأتقى هو أحدهما) بطل بما نقلناه من الاختلاف بين العلماء والمفسرين وقول جماعة منهم أنه أبو الدحداح، وكيف يقال: ان الآية نزلت في أبي بكر؟ وقد أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن الا أنه أنزل عذري (1). ويبعد أن ينزل في أبيها قرآن ولا تعلمه، مع شدة حرصها على رفعة شأنه، كما دل عليه تقديمها له في منصب نبي الله ووليه.
وأيضا فلو نزل فيه هذه الآية وغيرها لاحتج بها يوم السقيفة، ولم يحتج بالأئمة من قريش، لخروج علي عليه السلام من شركته. وأيضا لو كان هو المراد بالأتقى، فلم قال أبو بكر على المنبر: أقيلوني أقيلوني لست بخيركم وعلي فيكم؟ ولم قال عمر: بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها؟ (2).
وأما الأخبار التي تمسك المخالف بها: فالجواب عنها على سبيل الاجمال: أن هذه