على نكاحه، فاستيقن ذلك واعمل عليه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ثم قال الشارح: فأما من قال بتفضيله عليه السلام على الناس كافة من التابعين فخلق كثير، كأويس القرني، وزيد بن صوحان، وصعصعة أخيه، وجندب الخير، وعبيدة السلماني، وغيرهم ممن لا يحصى كثرة.
ولم تكن لفظة الشيعة تعرف في ذلك العصر الا لمن قال بتفضيله عليه السلام، ولم تكن الامامية ومن نحا نحوها من الطاعنين في امامة السلف مشهورة حينئذ على هذا النحو من الاشتهار، فكان القائلون بالتفضيل هم المسمون بالشيعة، وجميع ما ورد من الآثار والأخبار في فضل الشيعة، وفي أنهم موعودون بالجنة، فهؤلاء هم المعنيون به دون غيرهم، ولذلك قال أصحابنا المعتزلة في كتبهم وتصانيفهم: نحن الشيعة حقا، فهذا القول هو أقرب إلى السلامة وأشبه بالحق من القولين المقتسمين طرفي الافراط والتفريط إن شاء الله (1).
أقول: كلامه هذا نشأ من اتباع الهوى، وحب متابعة الاباء، فإنه لا يخفى على البصير الخبير أن الشيعة اسم لكل من تولى بعلي عليه السلام وسائر أهل البيت، وتبرأ من الخلفاء الثلاثة وتابعيهم، لأن شيعة الرجل من تبعه وخالف من خالفه، فمن ترك اتباع علي عليه السلام وادعى الخلافة لا يسمى شيعة له، وكذا من ترك بيعته وبايع غيره اختيارا من غير اكراه، وكذا من أحب اتباع غيره من مخالفيه وغاصبي حقه وان قال بأفضليته.
فثبت أنه لا يستحق هذا الاسم الا نحن، لقولنا بانحصار الإمامة في علي وأولاده عليهم السلام، على أن المصنفين من علماء المخالف والمؤالف إذا ذكروا الشيعة في مصنفاتهم وقسموها لا يجعلون المعتزلة القائلين بالأفضلية منها.