قال: فقال لهم: فوحدوا الله الجبار واعبدوه وحده بالاخلاص، واخلعوا هذه الأنداد الأنجاس، وأقروا واشهدوا بأني رسول الله إليكم والى الخلق، فاني قد جئتكم بعز الدنيا والآخرة، قال: فقاموا وانصرفوا كلهم وكان الموعظة قد عملت فيهم. هذا آخر لفظ حديث أبي عمرو الزاهد (1).
وفي كتاب نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب آل الرسول لإبراهيم بن علي بن محمد الدينوري الحنبلي، يرفعه إلى الحسن بن علي بن محمد بن عبد الله الأزدي الفقيه، قال: حدثنا محمد بن صالح، قال: حدثني أبي، عن عبد الكريم الجوزي، وقال الحسن بن علي المذكور: وحدثناه أيضا عبد الله بن عمر الرقي، عن عبد الكريم الجوزي، عن طاووس، عن ابن عباس.
والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة، يقول فيه: ان النبي صلى الله عليه وآله قال للعباس رضي الله عنه: ان الله قد أمرني باظهار أمري، وقد أنبأني واستنبأني فما عندك؟
فقال له العباس رضي الله عنه: يا بن أخي تعلم أن قريشا أشد الناس حسدا لولد أبيك، وان كانت هذه الخصلة كانت الطامة الطماء والداهية العظمى، ورمينا عن قوس واحدة، فانتسفونا نسفا صلتا، ولكن اقترب بنا إلى عمك أبي طالب، فإنه كان أكبر أعمامك، فان لا ينصرك لا يخذلك ولا يسلمك.
فأتياه، فلما رآهما أبو طالب رضي الله عنه، قال: ان لكما لظنة وخبرا، ما جاء بكما في هذا الوقت؟ فعرفه العباس رضي الله عنه ما قال له النبي صلى الله عليه وآله وما أجابه العباس رضي الله عنه، فنظر إليه أبو طالب رضي الله عنه وقال: اخرج يا بن أخي، فإنك الرفيع كعبا، والمنيع حزبا، والأعلى أبا، والله لا يسلقك لسان الا سلقته الألسن حدادا، واجتذبته سيوف حدادا، والله لتذللن لك العرب ذل البهم لصاحبها، ولقد كان أبي يقرأ الكتاب