الحديث الرابع والثلاثون بعد المائتين من المتفق عليه من البخاري ومسلم من مسند أبي هريرة، وقد روى مسلم في الجزء المذكور بشارتها ببيت في الجنة عن أبي هريرة وعبد الله بن أبي أوفى وعائشة (1).
وقد نقل مسلم عدة أحاديث في غيرة عائشة وحسدها على خديجة، ومن جملة تلك الأحاديث، ما رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما غرت على امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وآله الا على خديجة، واني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ذبح الشاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت:
فأغضبت يوما فقلت: خديجة؟ قال: اني قد رزقت حبها (2).
وفي كتاب المغازي لمحمد بن إسحاق باسناده عن أم رومان، قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله جارة قد أوصته بأن يتعاهدها، فحضر عنده شئ من الماكل، فأمر باعطائها وقال: هذه أمرتني خديجة بأن أتعاهدها، قالت عائشة: وكنت أحسدها لكثرة ذكره لها، فقلت: يا رسول الله لا تزال تذكر خديجة كأن لم يكن على ظهر الأرض غيرها، فقال: قومي، فقامت إلى ناحية منه في البيت، فقالت أم رومان:
فقلت له: يا رسول الله، لا تؤاخذ عائشة، فإنها حديثة سن، فناداها، فقال: يا عائشة، ان خديجة آمنت بي إذ كفر بي قومك، ورزقت منها الولد وحرمتموه (3).
أنظر أيها البصير إلى جرأتها على الله وعلى رسوله، وحسدها على خديجة على ما أعطاها الله من الكرامة بعد وفاتها، ثم انظر إلى عقول محبيها، وعماهم عن عيوبها، ثم اشكر الله على ما هداك.