فلابد للقرآن من مفسر مؤيد معصوم، عالم بجميع إرادات الله، وهو المعبر عنه بالامام، وغير هذه الأئمة الاثني عشر لم يكن أحد متصفا بهذه الصفة بالاجماع، فثبت أنهم هم الأئمة المفسرون لكتاب الله تعالى، العالمون بجميع مراداته.
وحاصل هذا الدليل: أن الأمة متعبدة بالشرع، مثل العبادات والعقود والمواريث وأحكام الجنايات، ولا ريب أن تفاصيل ما جاء الشرع في هذه الأقطاب الأربعة لا يعلم ضرورة بأدلة العقل، والقياس والاستحسان ليسا بدليلين على ما ذكرناه، وليس في نصوص الكتاب العزيز والسنة المقطوع بها ما يدل على التفصيل، وكذا الاجماع من حيث أن عدمه ظاهر في أكثر الشريعة، لوجود الاختلاف في مثل قوله تعالى أقيموا الصلاة (1) فنص على الصلاة، ولم ينص في الكتاب ولا في السنة المقطوع بها ما يدل على تفصيلها المختلف فيه بين الأمة.
وقوله والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (2) واسم اليد يطلق على هذه الجارحة إلى المنكب، والى المرفق، والى الزند، والى أصول الأصابع، يقول: كتبت بيدي، أي: بأطراف أصابعه، فبان أن اليد يطلق على كل واحد من هذه الغايات، وقد أمر بقطع يد السارق، فمن أي الغايات يقطع؟.
فيجب أن يكون في الأمة معصوم مقطوع بعصمته، مأمون الخطأ والزلل من جهته، لنرجع إليه في المسكوت عنه في الكتاب والسنة، والا كانت الأمة متعبدة بمالا يهتدى إليه، وذلك تكليف بما لا يطاق، وهو قبيح محال على الله، ولم يكن غير الأئمة الاثني عشر متصفا بالعصمة والاطلاع بجميع الأحكام بالاجماع، فثبت إمامتهم.
ان قيل: يلزم تكليف ما لا يطاق على تقدير وجود الامام المعصوم أيضا إذا كان غائبا غير متمكن.