فأولئك هم الفاسقون (9) كل ذلك لعلمه تعالى بخروج عباده عن طاعته، وعدم امتثالهم أوامره.
وان جوزنا العمل بالظنون، فلا يمكن الاستغناء بها عن الامام المعصوم الحافظ للشريعة، لأن أخبار الآحاد وان أفاد بعضها الظن ولكنها قليلة.
وأما القياس، فلا يفيد غالبا الظن، بل التحقيق أنه لا يفيد الظن أصلا، لأن مبنى شرعنا على الفرق بين المتماثلات، كايجاب الغسل بالمني دون البول، وكلاهما خارج من أحد السبيلين، وغسل بول الصبية، ونضح بول الصبي، وقطع سارق القليل دون غاصب الكثير، وحد القذف بالزنا دون الكفر، وتحريم صوم أول شوال وايجاب صوم آخر شهر رمضان. وعلى الجمع بين المختلفات، كايجاب الوضوء من الأحداث المختلفة، وايجاب الكفارة في الظهار والافطار، وتساوي العمد والخطأ، ووجوب القتل بالزنا والردة، فإذا كان كذلك امتنع حصول الظن من القياس المبني على اشتراك شيئين في الحكم لاشتراكهما في الوصف.
ومثله الاستحسان في عدم إفادته الظن، وكيف يفيد الظن بالحكم وقد قال تعالى وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم (1) وأجاد من قال ردا على الحنفية والحنبلية العاملين به: من استحسن فقد شرع، يعني: من أثبت حكما بأنه مستحسن عنده من غير دليل من قبل الشارع، فهو الشارع لذلك الحكم، وقد ورد من طرق المخالف عدة أخبار في النهي عن العمل بالرأي والقياس.
وقد روى الخطيب في تاريخه، والديلمي في فردوسه، من عدة رجال إلى عوف بن مالك، إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة