والعلوم الباهرة يصونون شيعتهم في الاخذ عنهم والعمل بفتواهم، ولم يزالوا يعيبون على غيرهم ممن قال برأيه اعتمادا " على استحسان أو قياس وينسبونهم إلى الضلال والقول في الدين بغير الحق، ويستخفون رأي من يأخذ عنهم وينسبونه إلى الجهل.
يعلم ذلك علما " ضروريا " صادرا " عن النقل المتواتر، ومن رام انكار ذلك كان كمن رام انكار المتواترات من سنن النبي وسيرته ومعجزاته.
ولا مرية أن النقلة والنقل عنهم تزيد أضعافا " كثيرة عما نقل عن كل واحد من رؤساء العامة، ومن أنكر ذلك كان كمن أنكر الضروريات من المشاهدات.
وإذا اعتبر ذو أدنى عقل وانصاف جزم بصحة نسبة ما نقل عنهم إليهم، فان أنكره كان ذلك مكابرة محضة وتعصبا " صرفا ".
وحينئذ نقول: الجمع بين الاجماع على عدالتهم وتواتر هذا النقل عنهم معه بطلانه مما يأباه العقل ويبطله الاعتبار بالضرورة. وبالله التوفيق.
ولقد بحثت مع بعض فضلائهم من أهل فارس وكان ذا انصاف شهير وفضل كثير ولكنه لم يكن يعرف شيئا " من أحوال الشيعة أصلا لأنه هرب مع والده من الشاه إسماعيل الحسيني رحمه الله إلى بلاد الهند وبها نشأ، فكان مما قال: إن جعفر الصادق وآباءه عليهم السلام لا يشك أحد في عدالتهم واجتهادهم وغزارة علمهم وان مذاهبهم كانت حقا " لكن لم ينقل مذاهبهم كما فرعوا على مذاهب هؤلاء، ولو نقلت مذاهبهم لم نشك في تصويب من اتبعها.
قلت له: إن كان مقصودك أن أهل السنة لم ينقلوا مذاهبهم فهو حق لكنه غير قادح فيما الشيعة عليه، لان أصحاب كل امام من أئمتكم لم ينقلوا فروع الامام