عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ١ - الصفحة ٤٤٠
رواه مرفوعا إلى علي عليه السلام (1) (2).
(160) وفي الأخبار الصحيحة عنه صلى الله عليه وآله: " ان صلة الرحم تزيد في العمر وان قطيعة الرحم تبت العمر " (3).

(1) وهذا يدل على أن اسم الأرحام، صادق على ذوي القربات، وان بعدوا في النسب. إلا أن صدق الأرحام عليهم بالشدة والضعف، فيشتد بقرب النسب ويضعف ببعده (معه).
(2) قال شيخنا الشهيد: الظاهر أن المراد بالرحم، المعروف بنسبه وان بعد وإن كان بعضه آكد من بعض ذكرا كان أو أنثى. وقصره بعض العامة على المحارم الذي يحرم التناكح بينهم، ان كانوا ذكورا أو إناثا، وهذا بالاعراض عنه حقيق، فان الوضع اللغوي يقتضى ما قلناه، والعرف أيضا، والاخبار دلت عليه ثم نقل هذا الحديث. وهو يدل على تسمية القرابة البعيدة رحما.
أقول: المراد بتقطيع أرحامهم ما فعلوه بالحسين عليه السلام ونحو ذلك (جه).
(3) قال في الحاشية: اعلم أن هذا الحديث أشكل على كثير من الناس، باعتبار المقدرات في الأزل، و المكونات في اللوح المحفوظ، لا تتغير ولا تتبدل، لاستحالة خلاف معلوم الله، وعلم الله سابق، فكيف يمكن الحكم بزيادة العمر ونقصانه، بسبب من الأسباب؟.
واضطربوا في الجواب. فبعضهم قال: إنه على سبيل الترغيب، وبعض قال: إنه الثناء الجميل بعد الموت. وبعض قال: زيادة البركة في العمر، لا نفسه وهذا الاشكال لا يرد: لأنه لو صح لورد في كل ترغيب وترهيب، لان الكل معلوم الله، مكتوب في اللوح المحفوظ. فمن علمه مؤمنا، فهو مؤمن أقر بالايمان أولا. ومن علمه كافرا فهو كافر كذلك وذلك يلزم منه بطلان الحكمة في بعث الأنبياء، والأوامر الشرعية ويلزم منه هدم الدين بالكلية.
والجواب الصحيح انه تعالى كما يعلم كمية العمر، كذلك يعلم ارتباطه بسببه. و كما يعلم من زيد انه يدخل الجنة جعله مرتبطا بسببه المخصوص من ايجاده، وخلق عقله وبعث النبي إليه، وحسن اختياره. فعلى كل مكلف الاتيان بما لزمه، ولا يتكل على العلم فان كل ما صدر منه، فهو المعلوم. فإذا أخبر الصادق ان زيدا إذا وصل رحمه، زيد في عمره ثلاثون سنة، ففعل، كان ذلك اخبارا بان الله تعالى علم أن زيدا يفعل ما يقترن به زيادة عمره، كما أنه إذا أخبر انه إذا قال: لا إله إلا الله دخل الجنة، علم أنه يقول ذلك ويدخل الجنة.
ومن هذا قوله في الحديث: " لا تملوا من الدعاء " فان فيه سرا، هو ان المكلف عليه الاجتهاد، ففي كل ذرة من ذرات الاجتهاد امكان سببية لخير علم الله عند اجتهاده أقول: هذا كله كلام الشهيد طاب ثراه في قواعده، وكان حقه ان ينسبه إليه. ثم قال: في آخر هذا الكلام.
فان قلت: هذا كله مسلم، ولكن قد قال الله تعالى: " ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون " وقال تعالى: " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها ".
قلت: الاجل صادق على كل ما يسمى أجلا موهبا، أو أجلا مسببا، فيحمل على الموهبي ويكون وقته، وفاء لحق اللفظ.
ويجاب أيضا، بان الاجل عبارة عما يحصل عنده الموت لا محالة، سواء كان بعد العمر الموهبي أو المسببي. ونحوه نقول: كذلك، لأنه عند حصول أجل الموت، لا يقع التأخير، وليس المراد به العمر، إذ الاجل مجرد الوقت وينبه على قبول العمر للزيادة والنقصان، بعدما دلت عليه الأخبار الكثيرة، قوله تعالى: " وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره الا في كتاب ".
وذكر قبل هذا الكلام أمورا ثلاثة: (الأول) ما الصلة التي يخرج بها من القطيعة؟
والجواب: ان المرجع في ذلك إلى العرف،، لأنه ليس له حقيقة شرعية ولا لغوية، و هو يختلف باختلاف العادات وبعد المنازل وقربها.
(الثاني) بمن الصلة؟ والجواب: قال صلى الله عليه وآله: " صلوا أرحامكم و لو بالسلام " وفيه تنبيه على أن السلام صلة. ولا ريب انه مع فقر بعض الأرحام وهم العمودان يجب الصلة بالمال ويستحب لباقي الأقارب، ويتأكد في الوارث، وهو قدر النفقة، ومع الغنى فبالهدية في بعض الأحيان بنفسه، أو برسوله.
وأعظم الصلة ما كان بالنفس، وفيه أخبار كثيرة، ثم بدفع الضرر عنها، ثم بجلب النفع إليها، ثم بصلة من يحب، وإن لم يكن رحما للواصل كزوجة الأب والأخ ومولاه وأدناه السلام بنفسه ثم برسوله، والدعاء بظهر الغيب والثناء في المحضر.
(الثالث) هل الصلة واجبة أو مستحبة؟ والجواب: تنقسم إلى الواجب، وهو ما يخرج به عن القطيعة، فان قطيعة الرحم معصية، بل قيل هي من الكبائر، والمستحب ما زاد على ذلك.
هذا كلامه وقد تقدم طرف لهذا الكلام (معه - جه).
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 442 443 444 445 446 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 رسالة الردود والنقود على الكتاب والمؤلف مقدمة المؤلف وفيها فصول: 1
2 الفصل الأول: في كيفية اسناد المصنف وروايته لجميع ما ذكره من الأحاديث إلى المشايخ. 5
3 الفصل الثاني: في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث. 15
4 الفصل الثالث: فيما رواه بطريق الاسناد المتصل اسناده بطريق العنعنة دون الإجارة والمناولة. 21
5 الفصل الرابع: فيما رواه بطرقه المذكورة محذوفة الاسناد. 30
6 الفصل الخامس: في أحاديث تتعلق بمعالم الدين وجملة من الآداب. 81
7 الفصل السادس: في أحاديث أخرى من هذا الباب رواها بطريق واحد. 95
8 الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رواها بطريقها من مظانها 107
9 الفصل الثامن: في أحاديث تشتمل على كثير من الآداب ومعالم الدين روايتها تنتهي إلى النبي (ص). 128
10 الفصل التاسع: في أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الأصحاب في بعض كتبه. 195
11 الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية. 246
12 الباب الأول ومنه أربعة مسالك: 299
13 المسلك الأول: في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رواها عنه بطريقه إليه. 301
14 المسلك الثاني: في أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه. 349
15 المسلك الثالث: في أحاديث رواها الشيخ محمد بن مكي في بعض مصنفاته تتعلق بأحوال الفقه. 380