حرامها، فإن حلالها حساب وحرامها عقاب (1)، ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه، ويتحرج من كثرة الأكل كما يتحرج من الميتة التي اشتد نتنها، ويتحرج من حطام الدنيا وزينتها كما يجتنب النار أن يغشاها، وأن يقصر أمله وكأن بين عينيه أجله.
قلت: يا جبرئيل، فما تفسير الإخلاص؟ قال: المخلص الذي لا يسأل الناس شيئا حتى يجد وإذا وجد رضي، وإذا بقي عنده شئ أعطاه في الله، فإن من لم يسأل المخلوق فقد أقر لله بالعبودية، وإذا وجد فرضي فهو عن الله راض والله تبارك وتعالى عنه راض، وإذا أعطى لله فهو في حد الثقة بربه.
قلت: فما تفسير اليقين؟ قال: الموقن يعمل لله كأنه يراه وإن لم يكن يرى الله فالله يراه، وأن يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وهذا كله أغصان التوكل ومدرجة الزهد (2).
() - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أنفع الأشياء للمرء سبقه الناس إلى عيب نفسه، وأشد شئ مؤنة إخفاء الفاقة، وأقل الأشياء غناء النصيحة لمن لا يقبلها ومجاورة الحريص، وأروح الروح اليأس عن الناس (3).
() - وقال (عليه السلام): لا تكن ضجرا ولا غلقا، وذلل نفسك باحتمال من خالفك ممن هو فوقك (4) وممن له الفضل عليك، فإنما أقررت له بفضله لئلا تخالفه، ومن لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه.
وقال لرجل: احكم دينك كما أحكم أهل الدنيا أمر دنياهم، فإنما جعلت الدنيا شاهدا تعرف بها ما غاب عنها من الآخرة، فاعرف الآخرة