بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أزهر القلوب بدعائه، وأينع براعم الايمان بندائه، وأوسق ثمار العقيدة بمناجاته، وهدانا بما انزل من صحفه ورسالاته، فدعانا في محكم كتابه لدعائه، وجعله مفتاح الباب بينه وبين عبيده وإمائه، وأفضل صلواته وسلامه على رسوله الكريم، أشرف من دعاه واصطفاه من خلائقه وبرياته، محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين المعصومين المكرمين المنتجبين - وبعد:
فإن من أوفر نعم الله تعالى على عباده، وكبير لطفه في خلقه، أن من عليهم بالدعاء، وأجاز لهم ان يتكلموا معه ويناجوه، وجعل الدعاء وسيلة مقدسة يتقرب بها العبد الفقير إلى ربه الغني، فتسمو بذلك روحه إلى مدارج الكمال، وتنعتق من كل ألوان العبودية لغير الله تعالى مصدر الكمال المطلق، ومنبع الفيض، وتتحرر من العلائق الدنيوية الرذيلة، فيسأل العبد ربه - في ساعات مقدسة، ولحظات شريفة - مخلصا له ومتوجها بقلبه كشف لأوائه، وتفريج غمه، وتنفيس كربته، وجلاء همه.
فهل هذه نعمة قليلة؟! وأي عطاء أجزل من هذا، وأي نعمة أقر لعين الانسان الضعيف في وجوده من هذه النعمة، فقد ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن " أفضل العبادة الدعاء، فإذا أذن الله للعبد بالدعاء فتح له باب الرحمة،