واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (1) قال يحيى بن الحسن: اعلم أن اعطاء الراية لأمير المؤمنين (ع) في يوم خيبر كان غاية في التبجيل له، ونهاية في التعظيم، لأنه ابان عن أشياء توجب ذلك، والتنزيه عن أشياء، توجب ضد ذلك، فما يوجب المدح والتعظيم والتبجيل، فهو محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وآله المذكورين في لفظ هذه الأخبار الصحاح (2) ولم يجب له ذلك، الا من حيث الجد في الاقدام، والاخلاص في الجهاد.
يدل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: " ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " (3).
وما وصفه الله سبحانه وتعالى بالفوز العظيم، فليس بعده ملتمس مطلوب، ثم وكد سبحانه وتعالى ذلك بقوله تعالى: " ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " (4) فأبان محبته تعالى بماذا تحصل ثم ابان سبحانه وتعالى محبته لهم ومحبتهم له، بماذا تكون:، فقال تعالى مبينا لذلك: " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين " (5).
ثم كشف عن حقيقة حال من يحب الله تعالى، ومن يحبه الله تعالى بقوله في تمام الآية: " يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " (6) وهذه الآية بعينها في أمير المؤمنين (ع) خاصة، ذكرها الثعلبي في تفسيره كذلك (7).