فلما نظر إلي في تلك الحال وضع يده على صدري فقال: أبرأت أنت؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: ليس عليك بأس، ثم قال: ادنه، فدنوت فقال لي: ما ترى؟ قلت:
اسمي واسم أبي وأسماء أولادي أعرفهم، فقال: يا علي لولا أن لك عندي ما ليس لغيرك ما اطلعتك على هذا أما انهم سيزدادون على عدد ما ههنا، قال علي بن أبي حمزة: فمكثت والله بعد ذلك عشرين سنة ثم ولد لي الأولاد بعدد ما رأيت بعيني في تلك الصحيفة، الخبر أبو عيينة وأبو عبد الله (ع): ان موحدا أتى الباقر وشكا عن أبيه ونصبه وفسقه وانه أخفى ماله عند موته فقال له أبو جعفر: أفتحب أن تراه وتسأله عن ماله فقال الرجل: نعم وانى لمحتاج فقير، فكتب إليه أبو جعفر كتابا بيده في رق أبيض وختمه بخاتمه ثم قال: اذهب بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسط ثم تنادي:
يا درجان، ففعل ذلك فجاءه شخص فدفع إليه الكتاب فلما قرأه قال: أتحب أن ترى أباك؟ فلا تبرح حتى آتيك به فإنه بضجنان. فانطلق فلم يلبث إلا قليلا حتى أتاني رجل أسود في عنقه حبل اسود مدلع لسانه يلهث وعليه سربال اسود فقال لي: هذا أبوك ولكن غيره اللهب ودخان الجحيم وجرع الحميم، فسألته عن حاله قال: اني كنت أتوالى بني أمية وكنت أنت تتوالى أهل البيت وكنت أبغضك على ذلك واحرمتك مالي ودفنته عنك فأنا اليوم على ذلك من النادمين فانطلق إلى جنتي فاحتفر تحت الزيتونة فخذ المال وهو مائة وخمسون ألفا وادفع إلى محمد بن علي خمسين ألفا ولك الباقي، قال ففعل الرجل كذلك، فقضى بها أبو جعفر دينا وابتاع بها أرضا، ثم قال: أما انه سينفع الميت الندم على ما فرط من حبنا وضيع من حقنا بما ادخل علينا من الرفق والسرور جابر بن يزيد: سألت أبا جعفر عن قوله تعالى (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات) فرفع أبو جعفر بيده وقال: ارفع رأسك، فرفعت فوجدت السقف متفرقا ورمق ناظري في ثلمة حتى رأيت نورا حار عنه بصري، فقال: هكذا رأى إبراهيم ملكوت السماوات وانظر إلى الأرض ثم ارفع رأسك، فلما رفعته رأيت السقف كما كان ثم اخذ بيدي وأخرجني من الدار وألبسني ثوبا وقال: غمض عينيك ساعة، ثم قال:
أنت في الظلمات التي رأى ذو القرنين ففتحت عيني فلم أر شيئا، ثم تخطا خطا وقال:
أنت على رأس عين الحياة للخضر، ثم خرجنا من ذلك العالم حتى تجاوزنا خمسة فقال:
هذه ملكوت الأرض، ثم قال: غمض عينيك. واخذ بيدي فإذا نحن في الدار التي كنا فيها وخلع عني ما كان ألبسنيه، فقلت: جعلت فداك كم ذهب من اليوم؟ فقال:
ثلاث ساعات.