ودعا إلى نفسه وزعم أنه الامام سفها وقلة علم، وجعل يوبخه، فلما سكت اقبل القوم عليه رجل بعد رجل يوبخه، فلما سكت القوم نهض، قائما ثم قال: أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم؟ بنا هدى الله أولكم وبنا ختم آخركم، فان يكن لكم ملك معجل فان لنا ملكا مؤجلا وليس من بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة يقول الله عز وجل: (والعاقبة للمتقين). فأمر به إلى الحبس، فلما صار في الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه وحسن عليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام واخبره بخبره فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة وامر ألا تخرج لهم الأسواق وحال بينهم وبين الطعام والشراب، فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا حتى انتهوا إلى مدينة فأغلق باب المدينة دونهم، فشكا أصحابه العطش والجوع قال:
فصعد جبلا اشرف عليهم فقال بأعلى صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها إنا بقية الله يقول الله تعالى: (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما انا عليكم بحفيظ).
قال: وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال: يا قوم هذه والله دعوة شعيب والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فاني ناصح لكم. قال: فبادروا وأخرجوا إلى أبي جعفر وأصحابه الأسواق.
كافي الكليني، قال سدير الصيرفي: أوصاني أبو جعفر بحوائج له بالمدينة فخرجت فبينما انا في فج الروحاء على راحلتي إذ انسان يلوي بثوبه، قال: فملت إليه وظننت انه عطشان فناولته الإداوة فقال: لا حاجة لي بها. وناولني كتابا طينه رطب، قال فلما نظرت إلى خاتمه إذا خاتم أبي جعفر فقلت له: متى عهدك بصاحب هذا الكتاب؟
قال: الساعة، وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثم التفت فإذا ليس عندي أحد، قال: ثم قدم أبو جعفر فلقيته فقلت: جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب فقال: يا سدير ان لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم.
محمد بن يحيى باسناده عن أبي جعفر قال: كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما اذن لك في السقوط، فبقي معلقا إلى الجو حتى جازته، فتصدق أبى عنها بمائة دينار.
النعمان بن بشير قال: ناول رجل طوال جابر الجعفي كتابا فتناوله ووضعه على عينيه وإذا هو من محمد بن علي إليه، فقال له: متى عهدك بسيدي؟ فقال: الساعة، ففك الخاتم وأقبل يقرأه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره وأمسك الكتاب فما رأيته