مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٣٠٥
وأنشأ أبو الأسود: (وان غلاما بين كسرى وهاشم * لاكرم من نيطت عليه التمائم) روضة الواعظين، قال زين العابدين: نحن أئمة المسلمين، وحجج الله على العالمين، وسادة المؤمنين، وقادة الغر المحجلين، وموالي المؤمنين، ونحن أمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها، وبنا ينزل الغيث، وبنا ينشر الرحمة وتخرج بركات أهل الأرض ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها.
وفي كتاب الأحمر قال الأوزاعي: لما اتي بعلي بن الحسين ورأس أبيه إلى يزيد بالشام قال لخطيب بليغ: خذ بيد هذا الغلام فائت به إلى المنبر وأخبر الناس بسوء رأي أبيه وجده وفراقهم الحق وبغيهم علينا، قال: فلم يدع شيئا من المساوئ إلا ذكره فيهم، فلما نزل قام علي بن الحسين فحمد الله بمحامد شريفة وصلى على النبي صلاة بليغة موجزة ثم قال: يا معشر الناس فمن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا اعرفه نفسي، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن مروة والصفا، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن من لا يخفى، أنا ابن من علا فاستعلى فجاز سدرة المنتهى وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، انا ابن علي المرتضى، انا ابن فاطمة الزهرا، انا ابن خديجة الكبرى، انا ابن المقتول ظلما أنا ابن المحزوز الرأس من القفا، أنا ابن العطشان حتى قضى، أنا ابن طريح كربلاء، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء، أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهواء، أنا ابن من رأسه على السنان يهدى، أنا ابن من حرمه من العرق إلى تسبى، أيها الناس ان الله تعالى وله الحمد ابتلانا أهل البيت ببلاء حسن، حيث جعل راية الهدى والعدل والتقى فينا، وجعل راية الضلالة والردى في غيرنا، فضلنا أهل البيت بست خصال:
فضلنا بالعلم والحلم والشجاعة والسماحة والمحبة والمحلة في قلوب المؤمنين، وآتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين من قبلنا، فينا مختلف الملائكة وتنزيل الكتب.
قال: فلم يفرغ حتى قال المؤذن: الله أكبر، فقال علي: الله أكبر كبيرا، فقال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال علي بن الحسين: أشهد بما تشهد به. فلما قال المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، قال علي: يا يزيد هذا جدي أو جدك؟ فان قلت جدك فقد كذبت وإن قلت جدي فلم قتلت أبي وسبيت حرمه وسبيتني؟ ثم قال:
معاشر الناس هل فيكم من أبوه وجده رسول الله؟ فعلت الأصوات بالبكاء. فقام
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست