مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٢٩١
وهو متعلق بأستار الكعبة ويقول: نامت العيون، وعلت النجوم، وأنت الملك الحي القيوم، غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها، وبابك مفتوح للسائلين، جئتك لتنظر إلي برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم أنشأ يقول، يا من يجيب دعا المضطر في الظلم * يا كاشف الضر والبلوى مع السقم قد نام وفدك حول البيت قاطبة * وأنت وحدك يا قيوم لم تنم أدعوك رب دعاء قد أمرت به * فارحم بكائي بحق البيت والحرم إن كان عفوك لا يرجوه ذو سرف * فمن يجود على العاصين بالنعم قال: فاقتفيته فإذا هو زين العابدين (ع).
طاوس الفقيه: رأيته يطوف من العشاء إلى سجر ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق السماء بطرفه وقال: إلهي غارت نجوم سماواتك، وهجعت عيون أنامك، وأبوابك مفتحات للسائلين، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد في عرصات القيامة ثم بكى وقال: وعزتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك. وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك، ولا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولكن سولت لي نفسي وأعانني على ذلك سترك المرخى به علي، فأنا الآن من عذابك من يستنقذني، وبحبل من اعتصم ان قطعت حبلك عني، فوا سوأتاه غدا من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفين جوزوا وللمثقلين حطوا، أمع المخفين أجوز أم مع المثقلين أحط؟ ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن استحي من ربي؟ ثم بكى، ثم أنشأ يقول:
أتحرقني بالنار يا غاية المنى * فأين رجائي ثم أين محبتي أتيت بأعمال قباح ردية * وما في الورى خلق جنى كجنايتي ثم بكى وقال: سبحانك تعصى كأنك لا ترى، وتحلم كأنك لم تعصى، تتودد إلى خلقك بحسن الصنيع كأن بك الحاجة إليهم، وأنت يا سيدي الغني عنهم. ثم خر إلى الأرض ساجدا فدنوت منه وشلت رأسه ووضعته على ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي على خده فاستوى جالسا وقال: من ذا الذي أشغلني عن ذكر ربي! فقلت:
انا طاوس يا ابن رسول الله ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ونحن عاصون جافون أبوك الحسين بن علي وأمك فاطمة الزهراء وجدك رسول الله؟
قال: والتفت إلي وقال: هيهات هيهات يا طاوس دع عني حديث أبي وأمي وجدي خلق الله الجنة لمن اطاعه وأحسن ولو كان حبشيا وخلق النار لمن عصاه ولو كان
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست