البلاء وتستكشف اللاواء وبهم تستمسك السماء، فقال: يا جابر لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا بهما حتى ألقاهما، فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: ما أرى من أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب، والله لذرية علي بن الحسين أفضل من ذرية يوسف.
الصادق (ع): ولقد دخل أبو جعفر على أبيه فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، وقد اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته من السجود، وورمت قدماه من القيام في الصلاة. قال: فقال أبو جعفر: فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء فبكيت رحمة له، وإذا هو يفكر، فالتفت إلى بعد هنيئة من دخولي فقال: يا بني اعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة على، فأعطيته، فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من يده تضجرا وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب مصباح المتهجد: كان له خريطة فيها تربة الحسين إذا قام في الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقا.
الباقر (ع): كان علي بن الحسين يصلى في اليوم والليلة الف ركعة، وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة، وكانت له خمسمائة نخلة، وكان يصلى عند كل نخلة ركعتين وكان إذا قام في صلاته غشى لونه لون آخر، وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله، وكان يصلى صلاة مودع يرى أنه لا يصلى بعدها ابدا.
وروي انه كان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه واصابته رعدة وحال امره، فربما سأله عن حاله من لا يعرف امره في ذلك فيقول: انى أريد الوقوف بين يدي ملك عظيم، وكان إذا وقف في الصلاة لم يشغل بغيرها ولم يسمع شيئا لشغله بالصلاة.
وسقط بعض ولده في بعض الليالي فانكسرت يده فصاح أهل الدار واتاهم الجيران وجئ بالمجبر وجبر الصبي وهو يصيح من الألم، وكل ذلك لا يسمعه، فلما أصبح رأى الصبي يده مربوطة إلى عنقه فقال: ما هذا؟ فأخبروه.
ووقع حريق في بيت هو فيه ساجد فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار النار، فما رفع رأسه حتى أطفيت، فقيل له بعد قعوده: ما الذي ألهاك عنها؟ قال: ألهتني عنها النار الكبرى. الباقر (ع): ولقد كان سقط منه كل سنة سبع ثفنات من مواضع سجوده وكان يجمعها، فلما مات دفنت معه.
الأصمعي: كنت أطوف حول الكعبة ليلة فإذا شاب ظريف الشمائل وعليه ذؤابتان