واستنفر معاوية الناس، فلما بلغ جسر منبج بعث الحسن (ع) حجر بن عدي واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا ثم خف معه أخلاط من شيعته ومحكمة وشكاك وأصحاب عصبية وفتن حتى أتى حمام عمر ثم أخذ على دير كعب، فنزل ساباط فلما أصبح نودي بالصلاة جامعة، فاجتمعوا، فصعد المنبر فخطب وقال تجربة لهم:
أما بعد فوالله اني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ولا مريدا له بسوء ولا غائلة، ألا وان ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا واني ناظر لكم خير من نظركم لأنفسكم ولا تخالفوا أمري، ولا ترددوا على رأيي غفر الله لي ولكم وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا. فقالوا: والله يريد أن يصالح معاوية ويسلم الامر إليه كفر والله الرجل كما كفر أبوه، فانتهبوا فسطاطه حتى أخذوا مصلاه من تحته، ونزع مطرفه عبد الرحمن بن جعال الأزدي وطعنه جراح بن سنان الأسدي في فخذه وقتل الجراح عبد الله بن خطل الطائي وظبيان بن عمارة فأطاف بن ربيعة وهمدان وهو على سرير حتى انزل على سعد بن مسعود الثقفي.
وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السر واستحثوه على المسير نحوهم وضمنوا له تسليم الحسن إليه عند دنوه من عسكره. وورد عليه كتاب قيس بن سعد وكان أنفذه مع عبيد الله بن العباس عند مسيره من الكوفة ليلقى معاوية وجعله أميرا وبعده قيس بن سعد يخبر انهم نازلوا معاوية بالحنونية، وان معاوية أرسل إلى عبيد الله يرغبه في المصير إليه وضمن له الف ألف درهم يعجل له منها النصف والنصف الآخر عند دخوله الكوفة، فانسل عبيد الله إلى معاوية في الليل في خاصته وصلى بهم قيس وقال فيه ما قال، وكان يغره معاوية فقال لجنده: اختاروا أحد اثنين اما القتال مع الامام أو تبايعون بيعة ضلال، فاختاروا الحرب فحاربوا معاوية فقال معاوية: ان الحسن يصالحني فما هذا القتال، فكان أهل العراق يستأمنون معاوية ويدخلون عليه قبيلة بعد قبيلة، فازدادت بصيرة الحسن (ع) بنياتهم إذ كتب إليه معاوية في الصلح وأنفذ بكتب أصحابه، واشترط له على نفسه شروطا وعقودا فعلم الحسن احتياله واغتياله غير أنه لم يجد بدا من إجابته، فقال الحسين: يا أخي أعيذك بالله من هذا فأبى.
وأنفذ إلى معاوية عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فتوثق منه لتأكيد الحجة أن يعمل فيهم بكتاب الله وسنة نبيه والامر من بعده شورى وأن