مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ١٩٠
الذي عوفي منه ومعها الحسن والحسين فأقبلا يغمزان مما يليهما من يد رسول الله حتى اضطجعا على عضديه وناما، فلما انتبها خرجا في ليلة ظلماء مدلهمة ذات رعد وبرق وقد أرخت السماء عزاليها فسطع لهما نور فلم يزالا يمشيان في ذلك النور ويتحدثان حتى أتيا حديقة بني النجار فاضطجعا وناما، فانتبه النبي من نومه وطلبهما في منزل فاطمة فلم يكونا فيه فقام على رجليه وهو يقول: إلهي وسيدي ومولاي هذان شبلاي خرجا من المخمصة والمجاعة اللهم أنت وكيلي عليهما اللهم إن كانا أخذا برا أو بحرا فاحفظهما وسلمهما، فنزل جبرئيل وقال: ان الله يقرؤك السلام ويقول لك: لا تحزن ولا تغتم لهما فإنهما فاضلان في الدنيا والآخرة وأبوهما أفضل منهما هما نائمان في حديقة بني النجار وقد وكل الله بهما ملكا فسطع للنبي نور فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بنى النجار فإذا هما نائمان والحسن معانق الحسين وقد تقشعت السماء فوقهما كطبق وهي تمطر كأشد مطر وقد منع الله المطر منهما وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب وجناحان جناح قد غطت به الحسن وجناح قد غطت به الحسن فانسابت الحية وهي تقول: اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك ان هذين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين، فمكث النبي يقبلهما حتى انتبها، فلما استيقظا حمل النبي الحسن وحمل جبرئيل الحسين، فقال أبو بكر: ادفعهما الينا فقد أثقلاك، فقال: اما أحدهما على جناح جبرئيل والآخر على جناح ميكائيل، فقال عمر: ادفع إلي أحدهما أخفف عنك، فقال: امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك، فقال أمير المؤمنين ادفع إلى أحد شبلي وشبليك، فالتفت إلى الحسن فقال: يا حسن هل تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال: والله يا جداه ان كتفك أحب إلي من كتف أبي، ثم التفت إلى الحسين فقال: يا حسين تمضي إلى كتف أبيك؟ فقال: أنا أفول كما قال أخي، فقال رسول الله نعم المطية مطيتكما ونعم الراكبان أنتما، فلما أتى المسجد قال: والله يا حبيبي لأشرفنكما بما شرفكما الله، ثم أمر مناديا ينادي به المدينة، فاجتمع الناس في المسجد فقام وقال:
يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:
الحسن والحسين، فان جدهما محمد وجدتهما خديجة. ثم قال: يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس اما وأبا؟ وهكذا عما وعمة، وخالا وخالة.
وقد روى الخركوشي في شرف النبي عن هارون الرشيد عن آبائه عن ابن عباس هذا المعنى فنظمه الصقر البصري:
هذا ابن خلاد روى عن شيخه * أعين به أبي سويد الدارعا
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست