لما أمر بالمسير إلى تبوك، أمر بأن يخلف عليا بالمدينة. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله ما كنت أحب أن أتخلف عنك في شئ من أمورك، وأن أغيب عن مشاهدتك والنظر إلى هديك، وسمتك، فقال رسول الله: يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، تقيم يا علي وأن لك في مقامك من الأجر مثل الذي يكون لك لو خرجت مع رسول الله، ولك أجور كل من خرج مع رسول الله صلى الله عليه وآله موقنا طائعا، وأن لك على الله يا علي لمحبتك أن تشاهد من محمد سمته في ساير أحواله، بأن يأمر جبرئيل في جميع مسيرنا هذا أن يرفع الأرض التي يسير عليها، والأرض التي تكون أنت عليها، ويقوي بصرك حتى تشاهد محمدا وأصحابه في ساير أحوالك وأحوالهم، فلا يفوتك الأنس من رؤيته ورؤية أصحابه ويغنيك ذلك عن المكاتبة والمراسلة.
فقام رجل من مجلس زين العابدين لما ذكر هذا وقال له: يا بن رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يكون، وهذا للأنبياء لا لغيرهم؟
فقال زين العابدين عليه السلام: هذا هو معجزة لمحمد رسول الله لا لغيره، لأن الله إنما رفعه بدعاء محمد، وزاد في نور بصره أيضا بدعاء محمد، حتى شاهد ما شاهد وأدرك ما أدرك، ثم قال له الباقر عليه السلام: يا عبد الله ما أكثر ظلم كثير من هذه الأمة لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وأقل أنصارهم، أم يمنعون عليا ما يعطونه ساير الصحابة، وعلي أفضلهم، فكيف يمنع منزلة يعطونها غيره، قيل: وكيف ذاك يا بن رسول الله؟
قال: لأنكم تتولون محبي أبي بكر ابن أبي قحافة، وتتبرؤون من أعدائه كائنا من كان، وكذلك تتولون عمر بن الخطاب، وتتبرؤون من أعدائه كائنا من كان، وتتولون عثمان بن عفان وتتبرؤون من أعدائه كائنا من كان، حتى إذا صار إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، قالوا: نتولى محبيه، ولا نتبرأ من أعدائه بل نحبهم، فكيف يجوز هذا لهم، ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول في علي: (اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله) أفترونه لا