قال: فنزلا في شق محمل فمكثا مليا ثم حركا الحبل فأصعدا، فقال لهما:
ما رأيتما؟
قالا: أمرا عظيما. رجالا، ونساءا، وبيوتا، وآنية، ومتاعا، كله ممسوخ من حجارة فأما الرجال والنساء فعليهم ثيابهم، فمن بين قاعد ومضطجع ومتكئ فلما مسسناهم إذا ثيابهم تتفشا شبه الهباء، ومنازل قائمة، قال: فكتب بذلك أبو موسى إلى المهدي، فكتب المهدي إلى المدينة إلى موسى بن جعفر، يسأله: أن يقدم عليه فقدم عليه، فأخبره فبكى بكاءا شديدا، وقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء بقية قوم عاد، غضب الله عليهم فساخت بهم منازلهم، هؤلاء أصحاب الأحقاف.
قال: فقال له المهدي: يا أبا الحسن وما الأحقاف؟ قال: الرمل.
وحدث. أبو أحمد هاني بن محمد العبدي (1) قال: حدثني أبو محمد رفعه إلى موسى بن جعفر عليه السلام قال: لما أدخلت على الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: يا موسى بن جعفر خليفتان يجئ إليهما الخراج؟
فقلت: يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تبوء بإثمي وإثمك، فتقبل الباطل من أعدائنا علينا، فقد علمت بأنه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، أما علم ذلك عندك، فإن رأيت بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله أن تأذن لي أحدثك بحديث أخبرني به أبي عن آبائه عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال: قد أذنت لك.
فقلت: أخبرني أي عن آبائه عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (أن الرحم إذا مست الرحم تحركت واضطربت) فناولني يدك جعلني الله فداك.
قال: ادن مني! فدنوت منه، فأخذ بيدي ثم جذبني إلى نفسه وعانقني طويلا، ثم تركني وقال: (اجلس يا موسى! فليس عليك بأس، فنظرت إليه فإذا به قد دمعت عيناه، فرجعت إلى نفسي. فقال: صدقت وصدق جدك صلى الله عليه وآله، لقد