والليلة يموت مثلهم، وهذا منهم - وأومى بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي لعنه الله وكان جاسوسا للخوارج في عسكر أمير المؤمنين عليه السلام - فظن الملعون: أنه يقول: خذوه، فأخذ بنفسه فمات، فخر الدهقان ساجدا.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ألم أروك من عين التوفيق؟
قال: بلى يا أمير المؤمنين.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا وأصحابي لا شرقيون ولا غربيون، نحن ناشئة القطب وأعلام الفلك، أما قولك انقدح من برجلك النيران، فكان الواجب عليك أن تحكم لي به إلا علي، أما نوره وضياؤه فعندي، وأما حريقه ولهبه فذاهب عني، وهذه مسألة عميقة احسبها إن كنت حاسبا.
وروي أنه عليه السلام لما أراد المسير إلى الخوارج قال له بعض أصحابه: إن سرت في هذا الوقت خشيت أن لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم.
فقال عليه السلام: أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء، وتخوف الساعة التي من سار فيها حاق به الضر، فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن، واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وينبغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه، لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع وأمن الضر.
أيها الناس إياكم وتعلم النجوم، إلا ما يهتدى به في بر أو بحر، فإنه يدعو إلى الكهانة، المنجم كالكاهن، والكاهن كالساحر، والساحر كالكافر، والكافر في النار، سيروا على اسم الله وهونه، ومضى فظفر بمراده صلوات الله عليه.
* * *