في عشر سنين ما لا يحصى من حاضر وباد، وأفنى فئاما من العرب (1) من منعوت بالسيف لا يدارى بالكلام (2) ولا ينام إلا عن دم، ولا يسافر إلا وهو متجهز لقتال عدوه.
قال له اليهودي: فإن عيسى يزعمون: أنه كان زاهدا؟
قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك، محمد صلى الله عليه وآله أزهد الأنبياء عليهم السلام: كان له ثلاثة عشر زوجة سوى من يطيف به من الإماء، ما رفعت له مائدة قط وعليها طعام، ولا أكل خبز برقط، ولا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قط، توفي رسول الله صلى الله عليه وآله ودرعه مرهونة عند يهودي بأربعة دراهم، ما ترك صفراء ولا بيضاء مع ما وطئ له من البلاد، (3) ومكن له من غنائم العباد، ولقد كان يقسم في اليوم الواحد الثلثمائة ألف وأربعمائة ألف ويأتيه السائل بالعشي فيقول:
والذي بعث محمدا بالحق ما أمسى في آل محمد صاع من شعير، ولا صاع من بر، ولا درهم، ولا دينار.
قال له اليهودي: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأشهد أنه ما أعطى الله نبيا درجة ولا مرسلا فضيلة إلا وقد جمعها لمحمد صلى الله عليه وآله، وزاد محمدا على الأنبياء أضعاف درجات.
فقال ابن عباس لعلي بن أبي طالب عليه السلام: أشهد يا أبا الحسن إنك من الراسخين في العلم.
فقال ويحك وما لي لا أقول ما قلت في نفس من استعظمه الله عز وجل في عظمته فقال: " وإنك لعلى خلق عظيم " (4).