الأمر عن مواطاة مني ولا رغبة فيما وقعت عليه ولا حرص عليه ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة ولا قوة لي بمال ولا كثرة لعشيرة ولا استيثار به دون غيري فما لك تضمر علي ما لم استحقه منك وتظهر لي الكراهة لما صرت فيه وتنظر إلي بعين الشنآن؟
قال: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه ولا حرصت عليه ولا أثقت بنفسك في القيام به؟!
قال: فقال أبو بكر: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله لا يجمع أمتي على ضلال " ولما رأيت إجماعهم اتبعت قول النبي صلى الله عليه وآله، وأحلت أن يكون إجماعهم على خلاف الهدى من ضلال، فأعطيتهم قود الإجابة، ولو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت.
فقال علي عليه السلام: أما ما ذكرت من قول النبي صلى الله عليه وآله " إن الله لا يجمع أمتي على ضلال " فكنت من الأمة أم لم أكن؟ قال: بلى. قال: وكذلك العصابة الممتنعة عنك: من سلمان، وعمار، وأبي ذر، والمقداد، وابن عبادة، ومن معه من الأنصار. قال: كل من الأمة قال علي عليه السلام: فكيف تحتج بحديث النبي وأمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك؟! وليس للأمة فيهم طعن ولا في صحبة الرسول لصحبته منهم تقصير، قال: ما علمت بتخلفهم إلا بعد إبرام الأمر، وخفت إن قعدت عن الأمر أن يرجع الناس مرتدين عن الدين، وكان ممارستهم إلي إن أجبتهم أهون مؤنة على الدين وإبقاء له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعون كفارا، وعلمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم.
فقال علي عليه السلام: أجل ولكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر بما يستحقه؟
فقال أبو بكر: بالنصيحة، والوفاء، ودفع المداهنة، وحسن السيرة، وإظهار العدل، والعلم بالكتاب والسنة، وفصل الخطاب، مع الزهد في الدنيا، وقلة الرغبة فيها، وانتصاف المظلوم من الظالم للقريب والبعيد، ثم سكت.
فقال علي عليه السلام: والسابقة، والقرابة.