ومن عجيب أمرهم في مثل هذا: دعواهم أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه " (١)، فكيف تصح هذه الدعوى، وقد تكلم في أمارته في الجد بسبعين قضية يخالف بعضها بعضا، وقال: لا تغالوا في مهور النساء فتجاوز أربعمائة درهم حتى قامت إليه امرأة فقالت: كتاب الله أحق أن يتبع أم قولك؟ قال: بل كتاب الله، فتلت عليه قول الله تعالى: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا﴾ (2)، فقال لما استمع ذلك: ثكلتك أمك يا عمر، كل أحد أفقه منك حتى النساء (3).
وحكم يوما بين اثنين فقالا له: أصبت يا أمير المؤمنين أصاب الله بك الخير، فقال: وما يدريكما؟ وقال: والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ (4)، وأغلاطه قبل ذلك وبعده لا تحصى، وهو القائل لما رده أمير المؤمنين (عليه السلام) في أشياء كثيرة إلى الصواب: " لولا علي لهلك عمر " (5)، فكيف يثبت مع هذه الأمور دعواهم أن الله تعالى ضرب الحق على لسانه وقلبه؟ أليس هو الذي خلط في الشورى تخليطا لا يخفى على ذي فهم، وأحضر الستة فقال لكل واحد منهم قولا لا يصح معه أن يرد إليه أمارة على مدينة، ولا تدبير ضيعة، فوصف طلحة بزهوه ونخوه، والزبير