ذلك بأنها لم تعلم بدين أبيها، أنه لا حق لها في ميراثه، ولا نصيب لها من تركته، وجهلت هذا الأصل في الشرع، وعلم أبو بكر أن النساء لا يعلمن ما يعلم الرجال، ولا جرت العادة بأن يتفقهن في الأحكام، ثم يدعون مع هذا أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال:
" خذوا ثلث دينكم عن عائشة، لا بل خذوا ثلثي دينكم عن عائشة، لا بل خذوا كل دينكم عن عائشة " (1)، فتحفظ عائشة جميع الدين، وتجهل فاطمة في مسألة واحدة مختصة بها في الدين. إن هذا لشئ عجيب، والذي يكثر التعجب، ويطول فيه الفكر: أن بعلها أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يعلمها، ولم يصنها عن الخروج من منزلها لطلب المحال، والكلام بين الناس، بل يعرضها لالتماس الباطل، ويحضر معها فيشهد بما لا يسوغ ولا يحل، إن هذا من الأمر المهول، الذي تحار فيه العقول!
ومن عجيب أمرهم، وضعف دينهم: أنهم نسبوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أنه لم يعلم ابنته التي هي أعز الخلق عنده، والذي يلزم من صيانتها، ويتعين عليه من حفظها، أضعاف ما يلزمه لغيرها، بأنه لاحق لها من ميراثه، ولا نصيب له في تركته، ويأمرها أن تلزم بيتها، ولا تخرج للمطالبة بما ليس لها، والمخاصمة في أمر مصروف عنها، وقد جرت عادة الحكماء في تخصيص الأهل والأقرباء بالإرشاد والتعليم، والتأديب والتهذيب، وحسن النظر بهم بالتنبيه والتنتيف (2)، والحرص عليهم