وقال: " من آذى فاطمة فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله " (١)، ثم إنهم يعلمون ويتفقون أن أبا بكر أغضبها وآلمها وآذاها، فلا يقولون: هو هذا إنه ظلمها، ويدعون أنها طلبت باطلا، فكيف يصح هذا؟ ومتى يتخلص أبو بكر من أن يكون ظالما وقد أغضب من يغضب لغضبه الله، وآلم هو بضعة لرسول الله، ويتألم لألمها، وآذى من في أذيته أذية الله ورسوله، وقد قال الله تعالى: ﴿إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا﴾ (2)، وهل هذا إلا مباهتة في تصويب الظالم، وتهور في ارتكاب المظالم!
ومن العجب: قول بعضهم أيضا: إن أبا بكر كان يعلم صدق الطاهرة فاطمة عليها صلوات الله فيما طلبته من نحلته من أبيها، لكنه لم يكن يرى أن يحكم بعلمه، فاحتاج في إمضاء الحكم لها إلى بينة تشهد بها.
فإذا قيل لهم: فلم لم يورثها من أبيها؟
قالوا: لأنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة " (3).
فإذا قيل لهم: فهذا خبر تفرد أبو بكر بروايته، ولم يروه معه غيره؟
قالوا: هو وإن كان كذلك فإنه السامع له من النبي (صلى الله عليه وآله)، ولم يجز له مع سماعه منه وعلمه به أن يحكم بخلافه.
فهم في النحلة يقولون: إنه لا يحكم بعلمه وله المطالبة بالبينة، وفي الميراث يقولون: إنه يحكم بعلمه ويقضي بما انفرد بسماعه.