وقد علم من أخبار أهل البيت أن أصعب الأحوال كانت على النبي يفتقر في مثلها إلى المعونة والإرفاد حالان: أحدهما وهو مستتر في الشعب، والآخر خروجه عن مكة هاربا إلى المدينة.
فأما مدة مقامه في الشعب فقد روى المخالف والمؤالف أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يتردد ويتحمل كل يوم فيما ينفقه عليه حتى روي أنه أجر نفسه من يهودي وصرف الأجرة إلى ما يحتاج إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأما توجهه (صلى الله عليه وآله) إلى الهجرة فقد روي أنه كان لأبي بكر يومئذ بعيران، فلما نشب (1) في إحدارهما إليه قال: خذ يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحدهما، فقال له: " لا، إلا بالثمن " (2)، فلو كان له عليه إنفاق لم يقل هذا المقال.
ومن العجيب: أن يتصدق أمير المؤمنين (عليه السلام) بخاتمه على مسكين فينزل في خاتمه قرآن (3) لا يختلف في أنه المراد به اثنان، ويتصدق هو وأهله على مسكين ويتيم وأسير بأقراص من الطعام فتنزل سورة كاملة تشهد له بالرضوان والخلود في الجنان (4)، ثم ينفق أبو بكر فيما زعموا على خير خلق الله مائة ألف درهم فلا ينزل على مدحه آية من القرآن (5)!