تميزهم عن الناس.
ثم لم تمض الأيام حتى أتاه مال البحرين، فلما ترك بين يديه تقدم إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال له: النبي (صلى الله عليه وآله) قال لي: " إذا أتى مال البحرين حبوت لك، ثم حبوت لك - ثلاثا - " فقال له: تقدم فخذ بعددها، فأخذ ثلاث حفنات من أموال المسلمين بمجرد الدعوى من غير بينة ولا شهادة، ويكون أبو بكر عندهم مصيبا في الحالين، عادلا في الحكمين، إن هذا من الأمر المستطرف البديع!
ومن عجيب أمر المعتزلة: إقرارهم بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) أعلم الناس وأزهدهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم يعلمون أنه أتى مع فاطمة شاهدا لها بصحة ما ادعته من نحلتها، فلا يستدلون بذلك على صوابها، وظلم مانعها، ولا يتأملون أن أعلم الناس لا يخفى عنه ما يصح من الشهادة وما يبطل، وأن أزهد الناس لا يشهد بباطل، وأن أمير المؤمنين (عليه السلام) لو كان لا يعلم أن شهادته بذلك مع من حضره لا يجوز قبولها، ولا يؤثر في وجوب الحكم بها، وكان أبو بكر يعلم ذلك لبطل القول بأنه (عليه السلام) أعلم الناس بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وأنه لو كان يعلم أن فاطمة (عليها السلام) تطلب باطلا، وتلتمس محالا، وأن شهادته لا يحل في تلك الحال قبولها، ولا يسوغ الحكم بها، ثم أقدم مع ذلك عليها فشهد لها لكان قد أخطأ متعمدا، وفعل ما لا يليق بالزهاد والأتقياء، وبطل قولهم أنه (عليه السلام) أزهد الناس بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا ينتبهون بهذه الحال من رقدة الخلال (1)!
ومن عجيب أمرهم: اعتقادهم في رد أبي بكر شهادة أمير المؤمنين والحسن