التعجب - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٢٩
أستحقها ميراثا " (1)، فيدعي أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة " (2)، ويلزمها تصديقه فيما ادعاه من هذا الخبر، مع اختلاف الناس في طهارته وصدقه وعدالته، وهو فيما ادعاه خصم لأنه يريد أن يمنعها حقا جعله الله لها!
ومن العجيب: أن يقول لها أبو بكر مع علمه بعظم خطرها في الشرف، وطهارتها من كل دنس، وكونها في مرتبة من لا يتهم، ومنزلة من لا يجوز عليه الكذب: ائتيني بأحمر أو أسود يشهد لك بها وخذيها - يعني فدك (3) -، فأحضرت إليه أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين وأم أيمن، فلم يقبل شهادتهم وأعلها، وزعم أنه لا يقبل شهادة الزوج لزوجته، ولا الولد لوالده، وقال: هذه امرأة واحدة - يعني أم أيمن -، هذا مع إجماع المخالف والمؤالف على أن النبي قال: " علي مع الحق، والحق مع علي، اللهم أدر الحق معه حيثما دار " (4)، وقوله: " الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا " (5)، وقوله (صلى الله عليه وآله) في أم أيمن (6): " أنت على خير وإلى خير "، فرد شهادة الجميع مع

(١) انظر: نهج الحق وكشف الصدق: ٢٦٥ - ٢٧٠. شرح نهج البلاغة: ١٦ / ٣٤٤ وما بعدها.
(٢) مسند أحمد بن حنبل: ٢ / ٤٦٣. التمهيد لابن عبد البر: ٨ / ١٧٥. شرح نهج البلاغة: ١٦ / ٣٥٧ و ٣٦٤. البداية والنهاية: ٢ / ١٥٤، وج ٤ / ٢٠٣. فتح الباري: ١٢ / ٨.
(٣) الكافي: ١ / ٥٤٣، ح ٥ باختلاف.
(٤) تاريخ بغداد: ١٤ / ٣٢١. شرح نهج البلاغة: ٢ / ٤٦١، وج ١٨ / ٢٤٥. تقدم الحديث.
(٥) علل الشرائع: ٢١١. مناقب ابن شهرآشوب: ٣ / ٣٦٧. بحار الأنوار: ٤٣ / ٢٩١، ضمن ح ٥٤، وج ٤٤ / ٢، ضمن ح ٢.
(٦) يقال: إن اسمها بركة، وهي حاضنة النبي (صلى الله عليه وآله). انظر ترجمتها في: الطبقات الكبرى:
٨
/ ٢٢٣. تهذيب الكمال: ٣٥ / ٣٢٩، رقم ٧٩٥٠. سير أعلام النبلاء: ٢ / ٢٢٣، رقم ٢٤.
ولم نجد قوله (صلى الله عليه وآله) هذا بحقها، بل المشهور أنه (صلى الله عليه وآله) قال ذلك لزوجه أم سلمة، م كما في حديث الكساء. انظر: أمالي الطوسي: 2 / 174.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست