إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا) (1) إلى آخر الآيات.
فاشترط لهم في مد الأجل وسبوغ النعم الاستغفار فلما لم يفعلوه قطع آجالهم وبتر أعمارهم واستأصلهم بالعذاب، فالبداء من الله تعالى يختص ما كان مشترطا في التقدير وليس هو الانتقال من عزيمة إلى عزيمة ولا من تعقب الرأي، تعالى الله عما يقول المبطلون علوا كبيرا.
وقد قال بعض أصحابنا: إن لفظ البداء أطلق (2) في أصل اللغة على تعقب الرأي [والانتقال من عزيمة إلى عزيمة] (3) وإنما أطلق (4) على الله تعالى على وجه الاستعارة كما يطلق عليه الغضب والرضا مجازا غير حقيقة، وإن (5) هذا القول لم يضر بالمذهب، إذ المجاز من القول يطلق على الله تعالى فيما ورد به السمع، وقد ورد السمع بالبداء على ما بينا (6)، والذي اعتمدناه (7) في معنى البداء أنه الظهور (8) على ما قدمت القول في معناه، فهو خاص فيما يظهر من الفعل الذي كان وقوعه يبعد في النظر (9) دون المعتاد، إذ لو كان في كل واقع من أفعال الله تعالى لكان الله تعالى موصوفا بالبداء في كل أفعاله، وذلك باطل بالاتفاق.