وقد قال الله تعالى: ﴿إن في ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم﴾ (1) فأخبر أن في خلقه طائفة يتوسمون الخلق فيعرفونهم بسيماهم.
وروي عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه قال في بعض كلامه: أنا صاحب العصا والميسم. يعني: علمه بمن يعلم حاله بالتوسم.
وروي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر - عليه السلام - أنه سئل عن قوله تعالى : (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) قال: فينا نزلت أهل البيت. يعني: في الأئمة - عليهم السلام -.
وقد جاء الحديث بأن الله تعالى يسكن الأعراف طائفة من الخلق (2) لم يستحقوا بأعمالهم الجنة على الثبات من غير عقاب، ولا استحقوا الخلود في النار وهم المرجون لأمر الله، ولهم الشفاعة، ولا يزالون على الأعراف حتى يؤذن لهم في دخول الجنة بشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والأئمة من بعده - عليهم السلام -.
وقيل أيضا: إنه مسكن طوائف لم يكونوا في الأرض مكلفين فيستحقون بأعمالهم جنة ونارا، فيسكنهم الله ذلك المكان ويعوضهم على آلامهم في الدنيا بنعيم لا يبلغون به منازل أهل الثواب المستحقين له بالأعمال (3). وكل ما ذكرناه جائز في العقول.
وقد وردت به أخبار - والله أعلم بالحقيقة من ذلك - إلا أن المقطوع به في جملته أن الأعراف مكان بين الجنة والنار يقف فيه من سميناه من حجج الله تعالى على خلقه، ويكون به يوم القيامة قوم من المرجين لأمر الله، وما بعد ذلك فالله أعلم بالحال فيه (4).