تصحيح اعتقادات الإمامية - الشيخ المفيد - الصفحة ١٠٩
وجاء الخبر بأن الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف على الكافر (1) .
والمراد بذلك أنه لا تثبت لكافر قدم على الصراط يوم القيامة من شدة ما

(١) قال العلامة الشهرستاني في مجلة (المرشد ص ١٧٩ - ١٨٠ ج ١) في جواب هذا السؤال:
من الوارد في الأخبار المأثورة عن الصراط أنه أدق من الشعر وأحد من السيف، فأي معنى يقصد من الشعرة والسيف؟
الجواب: لم يفصل كتاب الله الحكيم من هذا القبيل شيئا، وقد استعمل لفظ الصراط بمعنى الطريق والمسلك المؤدي إلى غاية قدسية مرغوبة، استعارة تمثل شرع الحق المؤدي إلى جنانه ورضوانه بالصراط.
نعم، تضمنت تفاصيل السؤال بعض مرويات قاصرة الاسناد - ولا ضير - فقد وردت في شرحها أحاديث أخرى عن أئمة الاسلام تفسر الصراط الممدود بين النار والجنة كالشعرة دقة، وكالسيف حدة بسيرة الإمام أمير المؤمنين - عليه السلام - والحديث المجمع على صحته ناطق بأن عليا - عليه السلام - قسيم النار والجنة، وأن طريقته المثلى هي المسلك الوحيد المفضي إلى الجنان والرضوان.
ومعلوم لدى الخبراء أن سيرة علي - عليه السلام - كانت أدق من الشعرة، فإنه - عليه السلام - ساوى في العطاء بين أكابر الصحابة الكرام، كسهل بن حنيف، وبين أدنى مواليهم، وكان يقص من أكمام ثيابه لإكساء عبده، ويحمل إلى اليتامى والأيامى أرزاقهم على ظهره في منتصف الليل، ويشبع الفقراء ويبيت طاوي الحشا، ويختار لنفسه من الطعام ما جشب، ومن اللباس ما خشن، ويوزع مال الله على عباد الله في كل جمعة ثم يكنس بيت المال ويصلي فيه، وهو يعيش على غرس يمينه وكد يده، وحاسب أخاه عقيلا بأدق من الشعرة في قصته المشهورة *، وطالب شريحا القاضي أن يساوي بينه وبين خصمه الإسرائيلي عند المحاكمة. إلى غير ذلك من مظاهر ترويضه النفس والزهد البليغ، حتى غدا الاقتداء به في إمامة المسلمين فوق الطوق.
وكما كانت سيرة علي - عليه السلام - أدق من الشعرة كانت مشايعته في الخطورة أحد من السيف، نظرا إلى مزالق الأهواء والشهوات، ومراقبة السلطات من بني أمية وتتبعهم أولياء علي - عليه السلام - وأشياعه وأتباعه تحت كل حجر ومدر .
* أنظر (منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة - ص ٤٢١ - ٤٣٠ ج ٧ ط إيران على الحجر) للعلامة المحقق الأديب والفقيه المتكلم الأريب الحاج ميرزه حبيب الله الموسوي الخوئي الآذربيجاني - ولما انجر الكلام إلى هذا المقام لا بأس بأن نشير إلى وجيز من ترجمة العلامة الخوئي - كما أفاد نفسه طاب رمسه - فنقول: قال في (مرآة الكتب - مخطوط): الحاج ميرزا حبيب الله من المعاصرين تشرفت بملاقاته في بلدة تبريز وكان مولده كما ذكره نفسه خامس شهر رجب سنة ١٢٦٥ ه‍ اشتغل بالتحصيل عند الأساتيذ الفخام كالسيد العلامة الحاج السيد حسين الترك والمحقق الحاج ملا علي بن الحاج ميرزا خليل الطهراني وله إجازة عامة منهما، وكان فاضلا محققا وله من المؤلفات: شرح نهج البلاغة، وحاشية على بعض أبواب القوانين في أربعة عشر ألف بيت، وكتاب منتخب الفن في حجية القطع والظن، وكتاب إحقاق الحق في تحقيق المشتق، وكتاب الجنة الواقية في أدعية نهار رمضان مع شرحها، وشرح كتاب القضاء والشهادات من الدروس. كذا أفاده سلمه الله.
سافر في هذه الأواخر إلى طهران لعرض شرح نهج البلاغة على السلطان المغفور له مظفر الدين شاه واستدعاه أمره بطبعه فنال من السلطان المزبور احتراما وأمر بطبع الكتاب ثم عرض العوارض وتوفي السلطان المزبور (سنة 1324 ه‍) وتوفي هو رحمه الله في طهران سنة 1325 ه‍ ولم أقف هل طبع شئ من الكتاب أم لا؟) .
أقول: وقد طبع الكتاب أخيرا؟ بتبريز في سبعة أجزاء على النسخة التي كانت قد كتبت بمداد الطبع سنة 1325 - 1328 ه‍ بأمر ولد المؤلف العالم الحاج أمين الاسلام نزيل طهران، وينتهي المطبوع منه إلى شرح الخطبة الثامنة والعشرين بعد المائتين، وقال كاتب النسخة في آخرها: (هذا آخر ما وفق إلا شرح بشرحه روح الله روحه وكتبته أنا حسب أمر ولده السيد السند الحاج أمين الاسلام... في ربيع الثاني 1328 ه‍). هذا وقد ذكر لي نجل المؤلف السيد نعمة الله (هاشمي) أن أباه العلامة مات بطهران ونقل جثمانه إلى بلدة قم المشرفة ودفن هناك قدس الله سره ورحمه رحمة واسعة. چ.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الكتاب 1
2 الشيخ المفيد - و - تصحيح الاعتقاد 19
3 مفتتح الكتاب 27
4 معنى كشف الساق 28
5 تأويل اليد 30
6 نفخ الأرواح 31
7 حكمة الكناية والاستعارة 33
8 المكر والخدعة من الله - معنى الله يستهزئ بهم 35
9 نسبة النسيان إلى الله 38
10 صفات الله 40
11 خلق أفعال العباد 42
12 فصل - كتاب الله مقدم على الأحاديث 44
13 الجبر والتفويض 46
14 المشيئة والإرادة 48
15 تفسير آيات القضاء والقدر 54
16 تفسير أخبار القضاء والقدر 57
17 معنى فطرة الله 60
18 معنى البداء 65
19 الجدال على ضربين: أحدهما بالحق والآخر بالباطل 68
20 في اللوح بالباطل 74
21 معنى العرش 75
22 في النفوس والأرواح 79
23 تفسير أخبار الذر 83
24 تفسير آية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) الآية 83
25 في الرجعة 89
26 فيما وصف به الشيخ أبو جعفر - ره - الموت 94
27 في المسألة في القبر 98
28 فيما ذكر الشيخ أبو جعفر - ره - في العدل 103
29 في الأعراف 106
30 في الصراط 108
31 في العقبات 112
32 في الحساب والميزان 114
33 في الجنة والنار 116
34 حد التكفير 119
35 في نزول الوحي 120
36 في نزول القرآن 123
37 تفسير آية: (فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما) في الإشارة إلى أن طبرس المنسوب إليه الامام الطبرسي 125
38 في العصمة 128
39 في الغلو والتفويض 131
40 في أن ما ذكره أبو جعفر - ره - من مضى نبينا والأئمة - عليهم السلام - بالسهم والقتل، منه ما ثبت ومنه ما لم يثبت 131
41 في التقية 137
42 في أن آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا موحدين 139
43 في تفسير آية: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) 140
44 في الحظر والإباحة 143
45 في الطب 144
46 في الأحاديث المختلفة 146
47 إجازة سماحة الإمام آل كاشف الغطاء مد ظله للواعظ الچرندابي كتبا 154
48 كلمة غالية، للكاتب الكبير عماد الدين الأصبهاني 155