بالتوقف عن ذلك والاستعفاء منه، فكتب عيسى بن جعفر إلى الرشيد يقول له: قد طال أمر موسى بن جعفر ومقامه في حبسي، وقد اختبرت حاله ووضعت عليه العيون طول هذه المدة، فما وجدته يفتر عن العبادة، ووضعت من يسمع منه ما يقول في دعائه فما دعا عليك ولا علي ولا ذكرنا في دعائه بسوء، وما يدعو لنفسه إلا بالمغفرة والرحمة، فإن أنت أنفذت إلي من يتسلمه مني وإلا خليت سبيله فإنني متحرج من حبسه.
وروي: أن بعض عيون عيسى بن جعفر رفع إليه أنه يسمعه كثيرا يقول في دعائه وهو محبوس عنده: " اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك، اللهم وقد فعلت فلك الحمد ".
فوجه الرشيد من تسلمه من عيسى بن جعفر، وصير به إلى بغداد، فسلم إلى الفضل بن الربيع فبقي عنده مدة طويلة فأراده الرشيد على شئ من أمره فأبى، فكتب إليه بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلمه منه، وجعله في بعض حجر داره ووضع عليه الرصد، وكان عليه السلام مشغولا بالعبادة يحيي الليل كله صلاة وقراءة للقرآن ودعاءا واجتهادا، ويصوم النهار في أكثر الأيام، ولا يصرف وجهه من المحراب، فوسع عليه الفضل بن يحيى وأكرمه.
فاتصل ذلك بالرشيد وهو بالرقة (1) فكتب إليه ينكر عليه توسعته على موسى ويأمره بقتله، فتوقف عن ذلك ولم يقدم عليه، فاغتاظ الرشيد