المقفع، في نفر من الزنادقة، كانوا مجتمعين في الموسم بالمسجد الحرام، وأبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فيه إذ ذاك يفتي الناس، ويفسر لهم القرآن، ويجيب عن المسائل بالحجج والبينات.
فقال القوم لابن أبي العوجاء: هل لك في تغليط هذا الجالس وسؤاله عما يفضحه عند هؤلاء المحيطين به؟ فقد ترى فتنة الناس به، وهو علامة زمانه، فقال لهم ابن أبي العوجاء: نعم، ثم تقدم ففرق الناس وقال: أبا عبد الله، إن المجالس أمانات، ولا بد لكل من كان به سعال أن يسعل، فتأذن في السؤال؟
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: " سل إن شئت ".
فقال له ابن أبي العوجاء: إلى كم تدوسون هذا البيدر، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر، وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر؟! من فكر في ذلك (1) وقدر، علم أنه فعل غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه، وأبوك أسه ونظامه.
فقال له الصادق عليه وآبائه السلام: " إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليه وربه، يورده مناهل الهلكة، وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله قبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال، خلقه قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحق من