ذكرنا ما عاناه أهل البيت عليهم السلام الذين جعلهم نبراسا ومنارا وملاذ لنا لنقتدي بهم ونتمسك بحبلهم ونلجأ إليهم ونستلهم من سيرتهم، وهم الذين ارتضاهم الله وخصهم بقوله: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (1).
من ذوي النفوس الخبيثة والمآرب الشريرة - كذوي الأعين المصابة بالرمد - آلوا على أنفسهم وشدوا العزم على إطفاء هذا النور الساطع والضياء المنتشر، ليدوم سلطانهم ودولتهم بل لم يكتفوا بالقتل والتشريد والتعذيب والتنكيل حتى شمروا عن سواعدهم وبذلوا أقصى الجهود وصرفوا أكثر ما في وسعهم لقلب الحقائق وتشويه الصور وتعكير الأجواء، ففي أربعين عاما من أيام التاريخ الاسلامي كان أمير المؤمنين عليه السلام يسب على منابر المسلمين في خطب الجمعة وغيرها وتلصق به أنواع التهم والافتراءات، وقتل حتى من يحتمل موالاته ومحبته لعلي عليه السلام، حتى أن الحجاج أمر باحراق محلة بما فيها لأجل اختفاء موال فيها. و... و... ولكن ما أسرع أن تبدد الظلام ولاح نور الصباح في الأفق وبانت الحقيقة وظهر الحق رغم قسره على الاختفاء. مصداقا لوعده وهو أصدق القائلين و " يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ". والكتاب الذي بين يديك من تلك المظاهر مما حدى بي إلى اختياره للتحقيق. وقد كانت منذ أمد بعيد تساورني هواجس وخلجات تحفزني فكرة تأليف سفر في هذا المعنى، ولما وجدت هذا الكتاب موفيا لرغبتي زاد شوقي إليه، وبادرت إلى تحقيقه واخراجه إلى عالم الطباعة.
* * *