وتركناه غرضا للنبل ودريئة للرماح وجزرا للسباع وفررنا عنه رغبة في الحياة معاذ الله، بل نحيا بحياتك ونموت معك فبكى وبكوا عليه، وجزاهم خيرا، ثم نزل - صلوات الله عليه -.
فحدثني عبد الله بن زيد ان البجلي قال: حدثنا محمد بن زيد التميمي قال:
حدثنا نصر بن مزاحم عن أبي مخنف عن الحرث بن كعب عن علي بن الحسين " ع " قال: إني والله لجالس مع أبي في تلك الليلة وانا عليل وهو يعالج سهاما له وبين يديه جون مولى أبي ذر الغفاري إذ ارتجز الحسين عليه السلام:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك في الإشراق والأصيل من صاحب وماجد قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل والامر في ذاك إلى الجليل * وكل حي سالك السبيل قال: واما انا فسمعته ورددت عبرتي. واما عمتي فسمعته دون النساء فلزمتها الرقة والجزع فشقت ثوبها ولطمت وجهها وخرجت حاسرة تنادي: وا ثكلاه!
وا حزناه! ليت الموت أعدمني الحياة، يا حسيناه يا سيداه يا بقية أهل بيتاه استقلت ويئست من الحياة، اليوم مات جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأمي فاطمة الزهراء وأبي علي وأخي الحسن يا بقية الماضين وثمال الباقين.
فقال لها الحسين: يا أختي " لو ترك القطا لنام ". قالت: فإنما تغتصب نفسك اغتصابا فذاك أطول لحزني وأشجى لقلبي وخرت مغشيا عليها فلم يزل يناشدها واحتملها حتى ادخلها الخباء.
* (رجع الحديث إلى مقتله صلوات الله عليه) * قال: فوجه إلى عمر بن سعد - لعنه الله - فقال: ماذا تريدون مني؟ إني مخيركم ثلاثا: بين ان تتركوني الحق بيزيد أو ارجع من حيث جئت أو امضي إلى بعض ثغور المسلمين فأقيم فيها. ففرح ابن سعد بذلك وظن أن ابن زياد - لعنه الله - يقبله منه فوجه إليه رسولا يعلمه ذلك ويقول: لو سألك هذا بعض الديلم ولم تقبله