قال: ثم ظهرت لنا جيوش أبي جعفر مثل الجراد، فتمثل إبراهيم بهذه الأبيات:
نبئت أن بني خزيمة أجمعوا * أمرا خلالهم لتقتل خالدا إن يقتلوني لا تصب أرماحهم * ناري ويسعى القوم سعيا جاهدا أرمي الطريق وإن رصدت بضيقه * وأنازل البطل الكمي الحاردا فقلت: من يقول هذا الشعر يا ابن رسول الله؟ فقال: يقوله خالد بن جعفر ابن كلاب في يوم شعب جبلة، وهو اليوم الذي لقيت فيه قيس تميما.
قال: وأقبلت عساكر أبي جعفر، فطعن رجلا، وطعنه آخر فقلت له:
أتباشر الحرب بنفسك وإنما العسكر منوط بك؟ فقال: إليك عني يا أخا بني ضبة كأن عويفا أخا بني فزارة كان ينظر الينا في يومنا هذا.
المت خناس والمامها * أحاديث نفس وأحلامها يمانية من بني مالك * تطاول في المجد أعمامها وإن لنا أصل جرثومة * ترد الحوادث أيامها نرد الكتيبة مفلولة * بها أفنها وبها ذامها والتحمت الحرب واشتدت، فقال لي: يا مفضل: حركني بشئ، فذكرت أبياتا لعويف القوافي لما تقدم بشعره، فأنشدته قوله:
الا أيها الناهي فزارة بعدما * أجدت بسير إنما أنت حالم أبى كل حر أن يبيت بوتره * وتمنع منه النوم إذ أنت نائم أقول لفتيان كرام تروحوا * على الجرد في أفواههن الشكائم قفوا وقفة من بحي لا يخز بعدها * ومن يخترم لا تتبعه اللوائم وهل أنت إن باعدت نفسك منهم * لتسلم فيما بعد ذلك سالم؟
فقال: أعد، وتبينت في وجهه انه سيقتل فتنبهت وندمت فقلت: أو غير ذلك؟ قال: لا بل أعد الأبيات، فأعدتها فتمطى على ركابيه فقطعمها، وحمل