فقلت: ما أجود هذه الأبيات وافحلها: فلمن هي؟
فقال: هي يقولها ضرار بن الخطاب الفهري يوم عبر الخندق على رسول الله صلى الله عليه وآله، وتمثل بها علي بن أبي طالب يوم صفين، والحسين يوم الطف وزيد بن علي يوم السبخة، ويحيى بن زيد يوم الجوزجان، ونحن اليوم.
فتطيرت له من تمثله بأبيات لم يتمثل بها أحد إلا قتل.
ثم سرنا إلى باخمرى، فلما قرب منها اتاه نعي أخيه محمد، فتغير لونه وجرض بريقه ثم أجهش باكيا وقال: اللهم إن كنت تعلم أن محمدا خرج يطلب مرضاتك ويبتغي طاعتك ويؤثر أن تكون كلمتك العليا وأمرك المتبع المطاع، فاغفر له وارحمه وارض عنه واجعل ما نقلته إليه من الآخرة خيرا له مما نقلته عنه من الدنيا ثم انفجر باكيا وتمثل بقول الشاعر:
أبا المنازل يا خير الفوارس من * يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا الله يعلم أني لو خشيتهم * أو آنس القلب من خوف لهم فزعا لم يقتلوه ولم أسلم أخي لهم * حتى نعيش جميعا أو نموت معا قال (المفضل): فجعلت أعزيه وأعاتبه على ما ظهر من جزعه، فقال: إني والله في هذا كما قال دريد بن الصمة:
تقول ألا تبكي أخاك! وقد أرى * مكان البكا لكن بنيت على الصبر لمقتل عبد الله والهالك الذي * على الشرف الاعلى قتيل أبي بكر وعبد يغوث أو نديمي خالد * وجل مصابا حثو قبر على قبر أبى القتل إلا آل صمة إنهم * أبوا غيره والقدر يجري على القدر فإما ترينا ما تزال دماؤنا * لدى واتر يشقى بها آخر الدهر فإنا للحم السيف غير نكيرة * ونلحمه طورا وليس بذي نكر يغار علينا واترين فيشتفي * بنا إن أصبنا. أو نغير على وتر بذاك قسمنا الدهر شطرين بيننا * فما ينقضي إلا ونحن على شطر