أرسل أبو جعفر إلى أبي أن أرسل إلي أحدكم واعلم أنه غير عائد إليكم أبدا فابتدره بنو إخوته يعرضون أنفسهم عليه فجزاهم خيرا وقال لهم: أنا اكره أن أفجعهم بكم ولكن اذهب أنت يا موسى.
قال: فذهبت وأنا يومئذ حدث السن، فلما نظر إلي قال: لا أنعم الله بك عينا، السياط يا غلام، قال: فضربت - والله - حتى غشى علي فما أدري بالضرب ثم رفعت السياط عني واستدناني فقربت منه فقال: أتدري ما هذا: هذا فيض فاض مني فأفرغت عليك منه سجلا، لم أستطع رده، ومن ورائه والله الموت أو تفتدي منه.
قال: قلت: والله يا أمير المؤمنين إن كان ذنب فاني لبمعزل عن هذا الامر.
قال: فانطلق فأتني بأخويك.
قال: فقلت: يا أمير المؤمنين تبعثني إلى رياح بن عثمان فيضع على العيون والرصد فلا اسلك طريقا ألا اتبعني له رسول، ويعلم أخواي فيهربان مني.
قال: فكتب إلى رياح: لا سلطان لك على موسى.
قال: فأرسل معي حرسا أمرهم أن يكتبوا إليه بخبري. فقدمت المدينة فنزلت في دار ابن هشام بالبلاط فأقمت بها شهورا.
قال أحمد بن الحرث في حديثه عن المدائني: فكتب رياح إلى أبي جعفر:
إن موسى مقيم يتربص بك الدوائر، وليس عنده شئ مما تحب فأمره أن يحمله إليه فحمله وبلغ محمدا خبره فخرج من وقته.
قال: ووجه محمد موسى إلى الشام يدعو إليه فقتل محمد قبل أن يصل وقيل:
إنه رجع إليه فشهد معه مقتله ثم هرب حتى أتى البصرة مستترا فأقام بها.
فحدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثني محمد بن الأزهر قال: حدثنا عمر بن خلف الضرير قال: حدثتني بثينة الشيبانية وكانت أرضعت أحمد بن عيسى ابن زيد والفضل بن جعفر بن سليمان: أن موسى لما قدم من الشام إلى البصرة أتاها